روَى السّيّدْ ابن طاووس في كِتاب مهج الدّعوات عَنْ أمير المؤمنين(عليه السلام) أنه قال: عَلَّمني رَسوُلُ الله(صلى الله عليه وآله) هذا الدّعاء وَاَمَرني اَنْ اَدعُوَ به لِكلّ شِدّة وَرَخآء، وَاَنْ أُعلِّمه خليفتي مِنْ بَعْدي، وَاَمَرَني اَنْ لا أُفارِقه طوُل عُمري حَتّى ألقى الله عز وَجَلّ، وَقالَ لي: قُل هذَا الدّعاء حين تُصبحِ وتُمسي فإنّه مِنْ كنوز العَرش، فالتمس أُبيّ بن كعب النّبيّ(صلى الله عليه وآله) أن يحدّث بفضل هذا الدّعاء، فاَخَبر النّبيّ(صلى الله عليه وآله) بِبَعْضِ ثَوابِهِ الجزيل[1].
(اَلْحَمْدُ للهِ الَذي لا إلهَ اِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبينُ الْمُدَبِرُّ بِلا وَزير وَلا خَلْقٍ مِنْ عِبادِهِ يَسْتَشيرُ، الأوّل غَيْرُ مَصرُوفٍ، وَالْباقي بَعْدَ فَنآءِ الْخَلْقِ، الْعَظيمُ الرُّبُوبِيَّةِ، نُورُ السَّماواتِ وَالاَْرَضينَ وَفاطِرُهُما وَمُبْتَدِعُهُما بِغَيْرِ عَمَد، خَلَقَهُما وَفَتَقَهُما فَتْقاً، فَقامَتِ السَّماواتُ طآئِعات بِاَمْرِهِ وَاسْتَقَرَّتِ الاَْرضَوُنَ بِاَوْتادِها فَوْقَ الْمآءِ، ثُمَّ عَلا رَبُّنَا فِي السَماواتِ الْعُلى اَلَّرحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الاَْرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى، فَاَنَا اَشْهَدُ بِاَنَّكَ اَنْتَ الله لا رافِعَ لِما وَضَعْتَ، وَلا واضِعَ لِما رَفَعْتَ، وَلا مُعِزَّ لِمَنْ اَذْلَلْتَ، وَلا مُذِلَّ لِمَنْ اَعْزَزْتَ، وَلا مانِعَ لِما اَعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِي لِما مَنَعْتَ، وَاَنْتَ الله لا إلهَ اِلاّ اَنْتَ كُنْتَ اِذْ لَمْ تَكُنْ سَمآءٌ مَبْنِيَّةٌ وَلا اَرْضٌ مَدْحِيَّةٌ وَلا شَمْسٌ مُضيـئَةٌ وَلا لَيْلٌ مُظْلِمٌ، وَلا نَهارٌ مُضييءٌ، وَلا بَحْرٌ لُجِّيٌّ وَلا جَبَلٌ راسٍ، وَلا نَجْمٌ سارٍ، وَلا قَمَرٌ مُنيرٌ، وَلا ريحٌ تَهُبُّ، وَلا سَحابٌ يَسْكُبُ، وَلا بَرْقٌ يَلْمَعُ، وَلا رَعْدٌ يُسَبِّحُ، وَلا رُوحٌ تَنَفَّسُ، وَلا طآئِرٌ يَطيرُ، وَلا نارٌ تَتَوَقَّدُ، وَلا مآءٌ يَطَّرِدُ كُنْتَ قَبْلَ كُلِّ شَيء وَكَوَّنْتَ كُلَّ شَيء وَقَدَرْتَ عَلى كُلِّ شَيء وَابْتَدَعْتَ كُلَّ شَيء وَاَغْنَيْتَ وَاَفْقَرْتَ وَاَمَتَّ وَاَحْيَيْتَ وَاَضْحَكْتَ وَاَبْكَيْتَ وَعَلَى الْعَرشِ اسْتَوَيْتَ فَتَبارَكْتَ يا الله وَتَعالَيْتَ، اَنْتَ الله الَّذي لا إلهَ اِلاّ اَنْتَ الْخَلاّقُ الْـمُعِينُ، اَمْرُكَ غالِبٌ وَعِلْمُكَ نافِذٌ، وَكَيْدُكَ غَريبٌ، وَوَعْدُكَ صادِقٌ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ وَحُكْمُكَ عَدْلٌ، وَكَلامُكَ هُدىً، وَوَحْيُكَ نوُرٌ، وَرَحْمَتُكَ واسِعَةٌ، وَعَفْوُكَ عَظيمٌ، وَفَضْلُكَ كَثيرٌ، وَعَطاؤُكَ جَزيلٌ، وَحَبْلُكَ مَتينٌ، وَاِمْكانُكَ عَتيدٌ، وَجارُكَ عَزيزٌ، وَبَاْسُكَ شَديدٌ، وَمَكْرُكَ مَكيدٌ، اَنْتَ يا رَبِ مَوْضِعُ كُلِّ شَكْوى، حاضِرُ كُلِّ مَلاَء، شاهِدُ كُلِّ نَجْوى، مُنْتَهى كُلِّ حاجَة، مُفَرِّجُ كُلِّ حُزْن، غِنى كُلِّ مِسْكين، حِصْنُ كُلِّ هارِب، اَمانُ كُلِّ خآئِف، حْرِزُ الضُّعَفآءِ، كَنْزُ الْفُقَرآءِ، مُفَرِّجُ الْغَمّآءِ، مُعينُ الصّالِحينَ، ذلِكَ الله رَبُّنَا لا إلهَ اِلاّ هُوَ، تَكْفي مِنْ عِبادِكَ مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْكَ وَاَنْتَ جارُ مَنْ لاذَ بِكَ وَتَضَرَّعَ اِلَيْكَ عِصْمَةُ مَنِ اعْتَصَمَ بِكَ ناصِرُ، مَنِ انْتَصَرَ بِكَ تَغْفِرُ الذُّنُوبَ لِمَنِ اسْتَغْفَرَكَ، جَبّارُ الْجَبابِرَةِ، عَظيمُ الْعُظَمآءِ كَبيرُ الْكُبَرآءِ، سَيِّدُ السّاداتِ مُوْلَى الْمَوالي صَريخُ الْمُسْتَصْرِخينَ مُنَفِّسٌ عَنِ الْمَكْروُبينَ، مُجيبُ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ اَسْمَعُ السّامِعينَ اَبْصَرُ النّاظِرينَ اَحْكَمُ الْحاكِمينَ اَسْرَعُ الْحاسِبينَ اَرْحَمُ الرّاحِمينَ خَيْرُ الغافِرينَ، قاضي حَوآئِج الْمُؤْمِنينَ مُغيثُ الصّالِحينَ اَنْتَ الله لا إلهَ اِلاّ اَنْتَ رَبُّ الْعالَمينَ، اَنْتَ الْخالِقُ وَاَنَا الَمخْلوُقُ وَاَنْتَ الْمالِكُ وَاَنَا الْمَمْلوُكُ وَاَنْتَ الرَّبُّ وَاَنَا الْعَبْدُ وَاَنْتَ الرّازِقُ وَاَنَا الْمَرْزُوقُ وَاَنْتَ الْمُعْطي وَاَنَا السّآئِلُ وَاَنْتَ الْجَوادُ وَاَنَا الْبَخيلُ، وَاَنْتَ الْقَوِيُّ وَاَنَا الضَّعيفُ وَاَنْتَ الْعَزيزُ وَاَنَا الذَّليلُ، وَاَنْتَ الْغَنِيُّ وَاَنَا الْفَقيرُ، وَاَنْتَ السَّيِّدُ وَاَنَا الْعَبْدُ، وَاَنْتَ الْغافِرُ وَاَنَا الْمُسـيءُ وَاَنْتَ الْعالِمُ وَاَنَا الْجاهِلُ، وَاَنْتَ الْحَليمُ وَاَنَا الْعَجُولُ، وَاَنْتَ الرَّحْمنُ وَاَنَا الْمَرْحُومُ، وَاَنْتَ الْمُعافي وَاَنَا الْمُبْتَلى، وَاَنْتَ الُمجيبُ وَاَنَا الْمُضْطَرُّ، وَاَنَا اَشْهَدُ بِانَّكَ اَنْتَ الله لا إلهَ اِلاّ اَنْتَ الْمُعْطي عِبادَكَ بِلا سُؤال، وَاَشْهَدُ بَاِنَّكَ اَنْتَ الله الْواحِدُ الاَْحَدُ الْمُتَفَرِّدُ الصَّمَدُ الْفَرْدُ وَاِلَيْكَ الْمَصيرُ، وَصَلَّى الله عَلى مُحَمَّدٍ وَاَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ وَاغْفِرْ لي ذُنُوبي وَاسْتُرْ عَلَيَّ عيُوُبي وَافْتَحْ لي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَرِزْقاً واسِعاً يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعالَمينَ وَحَسْبُنَا الله وَنْعِمَ الْوَكيلُ وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ اِلاّ بِالله الْعَلِيِّ الْعَظيمِ)[2].
[1] روى أبو عبد الله أحمد بن محمد بن غالب قال حدثنا عبد الله بن أبي حبيبة وخليل بن سالم عن الحرث بن عمير عن جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وعلى ذريته الطاهرين الطيبين المنتجبين، قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وعلى أهل بيته هذا الدعاء وأمرني أن أحتفظ في كل ساعة لكل شدة ورخاء وأن أعلمه خليفتي من بعدي، وأمرني أن لا أفارقه طول عمري حتى ألقى الله عز وجل غداً بهذا، وقال لي: قل حين تصبح وتمسي هذا الدعاء فإنه كنز من كنوز العرش، قلت: ما أقول؟ قال قل هذا الدعاء الذي أنا ذاكره بعد تفسير ثوابه، فلما فرغ النبي (صلى الله عليه وآله) قال له أبي بن كعب الأنصاري: فما لمن دعا بهذا الدعاء من الأجر والثواب يا رسول الله؟ فقال له: اسكن يا أبي بن كعب الأنصاري، يقطع منطق قول العلماء عما لصاحب هذا الدعاء عند الله عز وجل من المزيد والكرامة، قال: بأبي أنت وأمي بيّن لنا وحدثنا ما ثواب هذا الدعاء، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: إن ابن آدم حريص على منع، سأخبركم ببعض ثواب هذا الدعاء، أما صاحبه حين يدعو الله عز وجل يتناثر عليه البر من مفرق رأسه من أعنان السماء إلى الأرض وينزل الله عز وجل عليه السكينة وتغشاه الرحمة ولا يكون لهذا الدعاء منتهى دون عرش رب العالمين، له دوي حول العرش كدوي النحل وينظر الله عز وجل إلى من دعا بهذا الدعاء ومن دعا به ثلاث مرات لا يسأل الله جل اسمه شيئاً من الخير في الدنيا والآخرة إلا أعطاه سؤله بهذا الدعاء ومنحه إياه وينجيه الله من عذاب القبر ويصرف الله عز وجل به عنه ضيق الصدر، فإذا كان يوم القيامة وافى صاحب هذا الدعاء على نجية من درة بيضاء فيقوم بين يدي رب العالمين ويأمر الله عز وجل له بالكرامة كلها ويقول الله تبارك وتعالى: عبدي تبوّء من الجنة حيث تشاء، مع ما له عند الله عز وجل من المزيد والكرامة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلوب المخلوقين ولا ألسنة الواصفين، فقال له سلمان الفارسي(رحمه الله): زدنا من ثواب هذا الدعاء جعلني الله فداك، قال النبي صلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين وسلم تسليماً: يا أبا عبد الله والذي بعثني بالحق نبياً لو دعي بهذا الدعاء على مجنون لأفاق من جنونه من ساعته ولو دعي به عند امرأة قد عسر عليها الولد لسهّل الله عليها خروج ولدها أسرع من طرفة عين ولو دعي بهذا الدعاء على عاق لوالديه لأصلحه الله لوالديه من ساعته، نعم يا سلمان والذي بعثني بالحق نبياً ما من عبد دعا الله عز وجل بهذا أربعين ليلة من ليالي الجمع خاصة إلا غفر الله عز وجل له ما كان بينه وبين الآدميين وما بينه وبين ربه والذي بعثني بالحق نبياً يا سلمان ما من أحد دعا الله عز وجل بهذا الدعاء إلا أخرج الله عن قلبه غموم الدنيا وهمومها وأمراضها، نعم يا سلمان من دعا الله عز وجل بهذا الدعاء أحسنه أم لم يحسنه ثم نام في فراشه وهو ينوي رجاء ثوابه بعث الله عز وجل بكل حرف من هذا الدعاء ألف ملك من الكروبيين وجوههم أحسن من الشمس والقمر ليلة البدر، فقال له سلمان: أيعطي الله (عز وجل) هذا العبد بهذا الدعاء كل هذا الثواب؟ فقال(صلى الله عليه وآله): يا سلمان لا تخبرن به الناس حتى أخبرك بأعظم مما أخبرتك به، فقال له سلمان: يا رسول الله ولم تأمرني بكتمان ذلك؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أخشى أن يدَعوا العمل ويتّكلوا على الدعاء، فقال سلمان: أخبرني يا رسول الله: قال: نعم أخبرك يا سلمان، أنه من دعا بهذا الدعاء وكان في حياته وقد ارتكب الكبائر ثم مات من ليلته أو من يومه بعد ما دعا الله عز وجل بهذا الدعاء مات شهيداً وإن مات يا سلمان على غير توبة غفر الله له ذنوبه بكرمه وعفوه. مهج الدعوات ومنهج العبادات للسيد ابن طاووس: ص156-158.
[2] مهج الدعوات ومنهج العبادات للسيد ابن طاووس: ص158-159.