قال الشيخ القمي في مفاتيح الجنان: قد أورد العلامة المجلسي (رحمه الله) هذا الدّعاء في كتابي الدّعاء والصلاة من البحار وذيّله في كتاب الصلاة بشرح وتوضيح وقال: إنّ هذا الدّعاء من الأدعية المشهورة ولكن لم أجده في كتاب يعتمد عليه سوى كتاب المصباح للسيّد ابن باقي رضوان الله عليه، وقال أيضاً: إنّ المشهور هو أن يُدعى به بعد فريضة الصّبح، ولكن السيّد ابن باقي رواه بعد نافلة الصّبح والعمل بأيّها كان حسنٌ.
(اَللَّهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ، وَسَرَّحَ قِطَعَ الّلَيْلِ الْمُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ، وَاَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوّارِ في مَقاديرِ تَبَرُّجِهِ، وَشَعْشَعَ ضِياءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَاَجُّجِهِ، يا مَنْ دَلَّ عَلى ذاتِهِ بِذاتِهِ وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفِيّاتِهِ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ اَنْ يَكُونَ، يا مَنْ اَرْقَدَني في مِهادِ اَمْنِهِ وَاَمانِهِ وَاَيْقَظَني إلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَاِحْسانِهِ، وَكَفَّ اَكُفَّ السُّوءِ عَنّي بِيَدِهِ وَسُلْطانِهِ، صَلِّ اَللَّهُمَّ عَلَى الدَّليلِ اِلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الاَْلْيَلِ، وَالْماسِكِ مِنْ اَسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الاَْطْوَلِ، وَالنّاصِعِ الْحَسَبِ في ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الاَْعْبَلِ، وَالثّابِتِ الْقَدَمِ عَلى زَحاليفِها فِي الزَّمَنِ الأوّل، وَعَلى آلِهِ الاَْخْيارِ الْمُصْطَفِيْنَ الاَْبْرارِ، وَافْتَحِ اَللَّهُمَّ لَنا مَصاريعَ الصَّباحِ بِمَفاتيحِ الرَّحْمَةِ وَالْفَلاحِ، وَاَلْبِسْنِي اَللَّهُمَّ مِنْ اَفْضَلِ خِلَعِ الْهِدايَةِ وَالصَّلاحِ، وَاَغْرِسِ اَللَّهُمَّ بِعَظَمَتِكَ في شِرْبِ جَناني يَنابيعَ الخُشُوعِ، وَاَجْرِ اَللَّهُمَّ لِهَيْبَتِكَ مِنْ آماقي زَفَراتِ الدُّمُوعِ، وَاَدِّبِ اَللَّهُمَّ نَزَقَ الْخُرْقِ مِنّي بِاَزِمَّةِ الْقُنُوعِ، إِلهي اِنْ لَمْ تَبْتَدِئنِي الرَّحْمَةُ مِنْكَ بِحُسْنِ التَّوْفيقِ فَمَنِ السّالِكُ بي اِلَيْكَ في واضِحِ الطَّريقِ، وَاِنْ اَسْلَمَتْني اَناتُكَ لِقائِدِ الاَْمَلِ وَالْمُنى فَمَنِ الْمُقيلُ عَثَراتي مِنْ كَبَواتِ الْهَوى، وَاِنْ خَذَلَني نَصْرُكَ عِنْدَ مُحارَبَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطانِ فَقَدْ وَكَلَني خِذْلانُكَ إلى حَيْثُ النَّصَبُ وَالْحِرْمانُ، إِلهي اَتَراني ما اَتَيْتُكَ إلاّ مِنْ حَيْثُ الآمالِ، اَمْ عَلِقْتُ بِاَطْرافِ حِبالِكَ إلاّ حينَ باعَدَتْني ذُنُوبي عَنْ دارِ الْوِصالِ، فَبِئْسَ الْمَطِيَّةُ الَّتي امْتَطَتْ نَفْسي مِنْ هَواهـا، فَواهاً لَها لِما سَوَّلَتْ لَها ظُنُونُها وَمُناها، وَتَبّاً لَها لِجُرْاَتِها عَلى سَيِّدِها وَمَوْلاها، إِلهي قَرَعْتُ بابَ رَحْمَتِكَ بِيَدِ رَجائي وَهَرَبْتُ اِلَيْكَ لاجِئاً مِنْ فَرْطِ اَهْوائي، وَعَلَّقْتُ بِاَطْرافِ حِبالِكَ اَنامِلَ وَلائي، فَاْصْفَحِ اَللَّهُمَّ عَمّا كُنْتُ اَجْرَمْتُهُ مِنْ زَلَلي وَخَطائي، وَاَقِلْني مِنْ صَرْعَةِ رِدائي، فَاِنَّكَ سَيِّدي وَمَوْلاي وَمُعْتَمَدي وَرَجائي، وَاَنْتَ غايَةُ مَطْلُوبي وَمُناي في مُنْقَلَبي وَمَثْوايَ، إِلهي كَيْفَ تَطْرُدُ مِسْكيناً الْتَجَأَ اِلَيْكَ مِنَ الذُّنُوبِ هارِباً، اَمْ كَيْفَ تُخَيِّبُ مُسْتَرْشِداً قَصَدَ إلى جَنابِكَ ساعِياً، اَمْ كَيْفَ تَرُدُّ ظَمآناً وَرَدَ إلى حِياضِكَ شارِباً، كَلاّ وَحِياضُكَ مُتْرَعَةٌ في ضَنْكِ المُحُولِ، وَبابُكَ مَفْتُوحٌ لِلطَّلَبِ وَالْوُغُولِ، وَاَنْتَ غايَةُ الْمَسْؤولِ وَنِهايَةُ الْمَأمُولِ، إِلهي هذِهِ اَزِمَّةُ نَفْسي عَقَلْتُها بِعِقالِ مَشِيَّتِكَ، وَهذِهِ اَعْباءُ ذُنُوبي دَرَأتُها بِعَفْوِكَ وَرَحْمَتِكَ، وَهذِهِ اَهْوائِي الْمُضِلَّةُ وَكَلْتُها إلى جَنابِ لُطْفِكَ وَرَأفَتِكَ، فَاجْعَلِ اَللَّهُمَّ صَباحي هذا ناِزلاً عَلَي بِضِياءِ الْهُدى، وَبِالسَّلامَةِ فِي الدّينِ وَالدُّنْيا، وَمَسائي جُنَّةً مِنْ كَيْدِ الْعِدى، وَوِقايَهً مِنْ مُرْدِياتِ الْهَوى، اِنَكَ قادِرٌ عَلى ما تَشاءُ، تُؤتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ، وَتَنْزِ عُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ، وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ، بِيَدِكَ الْخَيْرُ اِنَّـكَ عَلى كُلِّ شَيْء قَديرٌ، تُولِجُ اللَيْلَ في النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَي وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِساب، لا إلهَ إلاّ اَنْتَ سُبْحانَكَ اَللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ مَنْ ذا يَعْرِفُ قَدْرَكَ فَلا يَخافُكَ، وَمَن ذا يَعْلَمُ ما اَنْتَ فَلا يَهابُكَ، اَلَّفْتَ بِقُدْرَتِكَ الْفِرَقَ، وَفَلَقْتَ بِلُطْفِكَ الْفَلَقَ، وَاَنَرْتَ بِكَرَمِكَ دَياجِي الْغَسَقِ، وَاَنْهَرْتَ الْمِياهَ مِنَ الصُّمِّ الصَّياخيدِ عَذْباً وَاُجاجاً، وَاَنْزَلْتَ مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجّاجاً، وَجَعَلْتَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لِلْبَرِيَّةِ سِراجاً وَهّاجاً، مِنْ غَيْرِ اَنْ تُمارِسَ فيما ابْتَدَأتَ بِهِ لُغُوباً وَلا عِلاجاً، فَيا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْعِزِّ وَالْبَقاءِ، وَقَهَرَ عِبادَهُ بِالْمَوْتِ وَالْفَناءِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الاَْتْقِياءِ، وَاسْمَعْ نِدائي، وَاسْتَجِبْ دُعائي، وَحَقِّقْ بِفَضْلِكَ اَمَلي وَرَجائي، يا خَيْرَ مَنْ دُعِي لِكَشْفِ الضُّرِّ، وَالْمَأمُولِ لِكُلِّ عُسْر وَيُسْر، بِكَ اَنْزَلْتُ حاجَتي فَلا تَرُدَّني مِنْ سَنِيِّ مَواهِبِكَ خائِباً، يا كَريمُ يا كَريمُ يا كَريمُ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، وَصَلَّى الله عَلى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ اَجْمَعينَ)، ثمّ اسجد وقل:
(إِلهي قَلْبي مَحْجُوبٌ، وَنَفْسي مَعْيُوبٌ، وَعَقْلي مَغْلُوبٌ، وَهَوائي غالِبٌ، وَطاعَتي قَليلٌ، وَمَعْصِيَتي كَثيرٌ، وَلِساني مُقِرٌّ بِالذُّنُوبِ، فَكَيْفَ حِيلَتي يا سَتّارَ الْعُيُوبِ وَيا عَلاّمَ الْغُيُوبِ وَيا كاشِفَ الْكُرُوبِ، اِغْفِرْ ذُنُوبي كُلَّها بِحُرْمَةِ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، يا غَفّارُ يا غَفّارُ يا غَفّارُ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ).