طريقته (عليه السلام) في إرشاد العاصين

عنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: (كَانَ لِي جَارٌ يَتَّبِعُ السُّلْطَانَ فَأَصَابَ مَالاً فَأَعَدَّ قِيَاناً[1] وكَانَ يَجْمَعُ الْجَمِيعَ إِلَيْه ويَشْرَبُ الْمُسْكِرَ ويُؤْذِينِي فَشَكَوْتُه إِلَى نَفْسِه غَيْرَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَنْتَه فَلَمَّا أَنْ أَلْحَحْتُ عَلَيْه، فَقَالَ لِي: يَا هَذَا أَنَا رَجُلٌ مُبْتَلًى وأَنْتَ رَجُلٌ مُعَافًى، فَلَوْ عَرَضْتَنِي لِصَاحِبِكَ رَجَوْتُ أَنْ يُنْقِذَنِيَ الله بِكَ، فَوَقَعَ ذَلِكَ لَه فِي قَلْبِي، فَلَمَّا صِرْتُ إِلَى أَبِي عَبْدِ الله(عليه السلام) ذَكَرْتُ لَه حَالَه فَقَالَ لِي: إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ، فَقُلْ لَه: يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْه وأَضْمَن لَكَ عَلَى الله الْجَنَّةَ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى الْكُوفَةِ أَتَانِي فِيمَنْ أَتَى فَاحْتَبَسْتُه عِنْدِي حَتَّى خَلَا مَنْزِلِي ثُمَّ قُلْتُ لَه: يَا هَذَا إِنِّي ذَكَرْتُكَ لأَبِي عَبْدِ الله جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ(عليه السلام) فَقَالَ لِي إِذَا رَجَعْتَ إِلَى الْكُوفَةِ سَيَأْتِيكَ فَقُلْ لَه، يَقُولُ لَكَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: دَعْ مَا أَنْتَ عَلَيْه وأَضْمَن لَكَ عَلَى الله الْجَنَّةَ، قَالَ: فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ لِي: الله لَقَدْ قَالَ لَكَ أَبُو عَبْدِ الله هَذَا، قَالَ: فَحَلَفْتُ لَه أَنَّه قَدْ قَالَ لِي مَا قُلْتُ، فَقَالَ لِي: حَسْبُكَ ومَضَى، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ بَعَثَ إِلَيَّ فَدَعَانِي وإِذَا هُوَ خَلْفَ دَارِه عُرْيَانٌ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ لَا والله مَا بَقِيَ فِي مَنْزِلِي شَيْءٌ إِلَّا وقَدْ أَخْرَجْتُه وأَنَا كَمَا تَرَى، قَالَ: فَمَضَيْتُ إِلَى إِخْوَانِنَا فَجَمَعْتُ لَه مَا كَسَوْتُه بِه ثُمَّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْه أَيَّامٌ يَسِيرَةٌ حَتَّى بَعَثَ إِلَيَّ أَنِّي عَلِيلٌ فَاتِنِي، فَجَعَلْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْه وأُعَالِجُه حَتَّى نَزَلَ بِه الْمَوْتُ فَكُنْتُ عِنْدَه جَالِساً وهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِه فَغُشِيَ عَلَيْه غَشْيَةً ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا بَصِيرٍ قَدْ وَفَى صَاحِبُكَ لَنَا، ثُمَّ قُبِضَ رَحْمَةُ الله عَلَيْه، فَلَمَّا حَجَجْتُ أَتَيْتُ أَبَا عَبْدِ الله(عليه السلام) فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْه فَلَمَّا دَخَلْتُ قَالَ لِيَ ابْتِدَاءً مِنْ دَاخِلِ الْبَيْتِ وإِحْدَى رِجْلَيَّ فِي الصَّحْنِ والأُخْرَى فِي دِهْلِيزِ دَارِه يَا أَبَا بَصِيرٍ قَدْ وَفَيْنَا لِصَاحِبِكَ)[2].

 


[1] القيان - جمع قينة - الإماء المغنّيات.

[2] الكافي للشيخ الكليني: ج1 ، ص454.