فضل زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)

إنَّ زيارةَ المولى أَميرِ المؤمنينِ عليِّ بنِ أَبي طالب(عليه السلام) هِيَ مِن أَعظمِ القُرُبات، وأَفضلِ الطَّاعات، تَمتَزِجُ عِندَ ضَرِيحهِ المُطهّرِ الأَبعادُ العقليةُ والروحيةُ والعاطفيةُ، وإنَّ السماءَ لتُفتَحُ لزائريهِ عِندَ الدُعاءِ، لكَونِهِ يُمَثلُ رَمزَ الانعِتاقِ منَ الرَوابطِ الماديةِ، والانقِطاعِ إلى اللهِ تَعالى.

وقَد دَلّت على ذلك جُملةٌ من الرواياتِ المأثورةِ عن أهلِ بَيتِ العِصمة والطَهارةِ(عليهم السلام)فمن ذلك: قول الإِمَامُ الصَّادِقُ(عليه السلام) لاِبنِ مارِدٍ لَمّا سَأَلَهُ عَن ثَوابِ زِيارَةِ أميرِ المُؤمِنينَ(عليه السلام): «يَا بنَ مارِدٍ، مَنْ زارَ جَدِّي عَارِفاً بِحَقِّهِ كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ حَجَّةً مَقْبُولَةً وعُمْرَةً مَبْرُورَةً، وَاللهِ يَا بنَ مارِدٍ، ما يُطْعِمُ اللهُ النَّارَ قَدَمَاً اغبَرَّتْ في زِيارَةِ أَميرِ المُؤمِنينَ(عليه السلام) مَاشِياً كَانَ أَوْ رَاكِبَاً، يَا بنَ مارِدٍ، اُكتُب هَذَا الحَديثَ بِمَاءِ الذَّهَبِ». [1]

وَعَنه(عليه السلام) أَنهُ قَالَ: «مَنْ زَارَ أَمِيرَ المُؤمِنينَ(عليه السلام) عَارِفَاً بِحَقِّهِ، غَيْرَ مُتَجَبِّرٍ ولا مُتَكَبِّرٍ، كَتَبَ اللهُ لَهُ أَجْرَ مِاْئَةِ أَلفِ شَهيدٍ، وَغَفَرَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وَمَا تَأخَّرَ، وَبَعَثَهُ مِنَ الآمِنينَ، وَهَوَّنَ عَليْهِ الحِسَابَ، وَاسْتَقْبَلَتْهُ المَلائِكَةُ، فَإِذَا انْصَرَفَ شَيَّعَتْهُ إِلى مَنْزلِهِ، فَإِنْ مَرِضَ عادُوهُ، وَإِنْ مَاتَ تَبِعُوهُ بِالْاسْتِغْفَارِ إِلى قَبْرِهِ». [2]

وعن الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ عَنه(عليه السلام) أَنهُ قَالَ: «... إِذَا أَرَدْتَ جَانِبَ النَّجَفِ فَزُرْ عِظَامَ آدَمَ وَبَدَنَ نُوحٍ وَجِسْمَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عليه السلام)؛ فَإِنَّكَ زَائِرٌ الْآبَاءَ الْأَوَّلِينَ وَمُحَمَّداً(صلى الله عليه وآله) خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَعَلِيّاً سَيِّدَ الْوَصِيِّينَ، فَإِنَّ زَائِرَهُ تُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ عِنْدَ دَعْوَتِهِ، فَلَا تَكُنْ عَنِ الْخَيْرِ نَوَّامَاً».[3]
وعن رَسولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله) قوله لأَميرِ المؤمنينَ(عليه السلام): «وَاللهِ لَتُقْتَلَنَّ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ وَتُدْفَنُ بِهَا، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لِمَنْ زَارَ قُبُورَنَا وَعَمَرَهَا وَتَعَاهَدَهَا؟ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ‌ اللهَ جَعَلَ قَبْرَكَ وَقَبْرَ وُلْدِكَ بِقَاعاً مِنْ بِقَاعِ الْجَنَّةِ، وَعَرْصَةً مِنْ عَرَصَاتِهَا، وَإِنَّ اللهَ جَعَلَ قُلُوبَ نُجَبَاءَ مِنْ خَلْقِهِ وَصَفْوَتِهِ مِنْ عِبَادِهِ تَحِنُّ إِلَيْكُمْ، وَتَحْتَمِلُ الْمَذَلَّةَ وَالْأَذَى فِيكُمْ، فَيَعْمُرُونَ قُبُورَكُمْ، وَيُكْثِرُونَ زِيَارَتَهَا؛ تَقَرُّباً مِنْهُمْ إِلَى اللهِ مَوَدَّةً مِنْهُمْ لِرَسُولِهِ، أُوْلَئِكَ يَا عَلِيُّ الْمَخْصُوصُونَ بِشَفَاعَتِي، وَالْوَارِدُونَ حَوْضِي، وَهُمْ زُوَّارِي غَداً فِي الْجَنَّةِ، يَا عَلِيُّ: مَنْ عَمَرَ قُبُورَكُمْ وَتَعَاهَدَهَا فَكَأَنَّمَا أَعَانَ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَى بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَمَنْ زَارَ قُبُورَكُمْ عَدْلُ ذَلِكَ لَهُ ثَوَابُ سَبْعِينَ حَجَّةً بَعْدَ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ، وَخَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ زِيَارَتِكُمْ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَأَبْشِرْ وَبَشِّرْ أَوْلِيَاءَكَ وَمُحِبِّيكَ مِنَ النَّعِيمِ وَقُرَّةِ الْعَيْنِ بِمَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَلَكِنَّ حُثَالَةً مِنَ النَّاسِ يُعَيِّرُونَ زُوَّارَ قُبُورِكُمْ بِزِيَارَتِكُمْ كَمَا تُعَيَّرُ الزَّانِيَةُ بِزِنَاهَا، أُوْلَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي لَا نَالَتْهُمْ شَفَاعَتِي، وَلَا يَرِدُونَ حَوْضِي». [4]

كما روي عَنْ يُونُسَ بنِ أَبي وَهَب القَصْري أنه قَالَ: «دَخَلتُ المَدينَةَ فَأَتَيتُ أَبَا عَبدِ الله(عليه السلام)، فَقُلتُ: جُعِلتُ فِدَاكَ، أَتَيتُكَ وَلَمْ أزُرْ أَمِيرَ المُؤمِنينَ(عليه السلام)، قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعتَ لَوْلَا أَنَّكَ مِنْ شِيْعَتِنا مَا نَظَرتُ إِلَيكَ، أَلَا تَزُورُ مَنْ يَزُورُهُ اللهُ مَعَ المَلائِكَةِ، ويَزورُهُ الأَنبِياءُ، ويَزورُهُ المُؤمِنونَ؟ قُلتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، مَا عَلِمْتُ ذلِكَ، قَالَ: اِعلَم أَنَّ أَمِيرَ المُؤمِنينَ(عليه السلام) أَفضَلُ مِنَ الأَئِمَّةِ كُلِّهِم، وَلَهُ ثَوَابُ أَعْمَالِهِم، وَعَلى قَدْرِ أَعْمَالِهِم فُضِّلُوا». [5]

 


[1] تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي: ج 6، ص21.

[2] أمالي الطوسي: ص214.

[3] كامل الزيارات: ص91.

[4] تهذيب الأحكام، الشيخ الطوسي: ج 6، ص22.

[5] الكافي: ج4، ص580.