الكرم والسخاء ليسا بأمرين غريبين عن الواقع النفسي لأهل البيت(عليهم السلام)، بل هما أمران أصيلان يمتدّان عبر الجذور العميقة لتأريخهم، وقد عُرف الكرم الهاشمي بالطيبة والعفوية، البعيدة عن عوامل التكلّف والامتنان، ويمتاز عطاؤهم وبذلهم بأنه خالص لوجه الله تعالى ولا يريدون عليه جزاءً ولا شكوراً، ومن صور كرمه وسخائه الفريدة ما ذكره يونس عن بعضهم: (أنه كانت للإمام(عليه السلام) ضيعة قرب المدينة تسمى (عين زياد) فيها نخل كثير فإذا نضج التمر أمر الوكلاء أن يثلموا في حيطانهم الثلم ليدخل الناس ويأكلوا التمر وكان يأمر لجيران الضيعة الذين لا يقدرون على المجيء كالشيخ والعجوز والمريض لكل واحد منهم بمُد من التمر، فَإِذَا كَانَ الْجَذَاذُ يعطي الْقُوَّامَ والْوُكَلَاءَ والرِّجَالَ أُجْرَتَهُمْ ويحْمِلُ الْبَاقِيَ إِلَى الْمَدِينَةِ فيُفرّق أكثره على الضعفاء والمستحقين ويبقى للإمام بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ وكَانَ غَلَّتُهَا أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارٍ)[1].