لقد شقق الإمام الصادق(عليه السلام) العلوم بفكره الثاقب وبصره الدقيق، حتَّى ملأ الدنيا بعلومه، وهو القائل: (سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي) [1]، ولم يقل أحد هذه الكلمة سوى جده الإمام أمير المؤمنين(عليه السلام).
وأدلى (عليه السلام) بحديث أعرب فيه عن سعة علومه فقال: (والله إني لأعلم كتاب الله من أوله إلى آخره كأنه في كفي، فيه خبر السماء وخبر الأرض، وخبر ما كان، وخبر ما هو كائن......الخبر) [2].
وقد ذُكِر (أن أبا حنيفة أكل طعاماً مع الإمام الصادق(عليه السلام) فلما رفع(عليه السلام) يده من أكله قال: الحمد لله رب العالمين اللهم إن هذا منك ومن رسولك، فقال أبو حنيفة: يا أبا عبد الله أجعلت مع الله شريكاً؟ فقال له: ويلك إن الله تعالى يقول في كتابه ﴿وَمَا نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾[3] ويقول في موقع آخر: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ﴾[4]، فقال أبو حنيفة: والله لكأني ما قرأتها قط من كتاب الله ولا سمعتها إلا هذا الوقت، فقال أبو عبد الله(عليه السلام): بلى قد قرأتهما وسمعتهما ولكن الله تعالى أنزل فيك وفي أشباهك ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾[5] وقال: ﴿كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾[6])[7].