كل ذلك من أجل قيام طائفة في الأمة ظاهرة، تنطق بالحق، وتعمل به، وتدعو له، وتكبح جماح الانحراف، وتنكر عليه.
تحقيقاً للوعد الإلهي، الذي يشير إليه قوله عز وجل في محكم كتابه المجيد: (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ)[1]. وقوله تعالى: ﴿وَان تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أمْثَالَكُمْ)[2]، وقوله سبحانه: (يُرِيدُونَ أن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِافْوَاهِهِمْ وَيَابَى اللَّهُ الَّا ان يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)[3].
وهو صريح ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: ((لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك))[4]
وحدیث سليمان بن هارون عن الإمام الصادق (صلوات الله عليه) الذي يرد فيه على بعض الدعوات المنحرفة عن خط الإمامية، حيث قال (عليه السلام) عن سيف النبي (صلى الله عليه وآله) منكراً دعواهم حيازته:
((وإن صاحبه لمحفوظ محفوظ له. ولا يذهبن يميناً ولا شمالاً. فإن الأمر واضح. والله لو أن أهل الأرض اجتمعوا على أن يحوّلوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله ما استطاعوا. ولو أن خلق الله كلهم جميعاً كفروا حتى لا يبقى أحد جاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون هم أهله))[5]... إلى غير ذلك مما ورد في الكتاب المجيد وعن النبي وأهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين).
كل ذلك لإلفات نظر الناس وتنبيههم، وإقامة الحجة عليهم، ليبحثوا عن الحق، وينظروا في أدلته الظاهرة وحججه القاهرة، ولا يقولوا: (انَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ)[6].
[1] سورة الاعراف الآية: ۱۸۱ .
[2] سورة محمد الآية: ٣٨.
[3] سورة التوبة الآية: ٣٢.
[4] صحیح مسلم ج: ٦ ص: ٥٢-٥٣، واللفظ له، ص: ٥٣ كتاب الإمارة: باب قوله(عليه السلام): لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم. صحيح البخاري ج: ٨ ص: ١٤٩ كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. صحيح ابن حبان ج ١ ص: ٢٦١ كتاب العلم: ذكر إثبات النصرة لأصحاب الحديث إلى قيام الساعة، ج: ١٥ ص: ٢٤٨ كتاب التاريخ: باب إخباره ﷺ عما يكون في امته من الفتن والحوادث: ذكر البيان بأن الفتن اذا وقعت والآيات إذا ظهرت كان في خللها طائفة على الحق أبداً. وغيرها من المصادر الكثيرة جداً.
[5] بحار الأنوار ج: ٢٦ ص: ٢٠٤.
[6] سورة الاعراف الآية: ۱۷۲ .