ومن الصفات البارزة في الإمام(عليه السلام) الصبر وعدم الجزع على ما كان يلاقيه من عظيم المحن والخطوب، فكان الإمام الصادق(عليه السلام) ذا صبر منيع بالقوّة، وجَلَد يذوب معه عنف الشدّة، لا يجزع من أمر الله عندما ينزل به المصاب من فقد ولد أو أخ أو قريب، ولا يتململ ضجراً من ضائقة تحلّ به، بل يصبر على ذلك بروح يعمرها الشكر والرضا بما كتب الله تعالى وقضى به، ومن مظاهر صبره ما ينقله لنا ولده موسى بن جعفر(عليهما السلام) أنه نعي إلى الصادق جعفر بن محمد(عليهما السلام) ابنه إسماعيل الذي كان ملأ العين في أدبه وعلمه وفضله، وهو أكبر أولاده، وهو يريد أن يأكل وقد اجتمع ندماؤه، فتبسم ثم دعا بطعامه، وقعد مع ندمائه، وجعل يأكل أحسن من أكله سائر الأيام، ويحثّ ندماءه، ويضع بين أيديهم، ويعجبون منه أن لا يروا للحزن أثراً، فلما فرغ قالوا: يا ابن رسول الله لقد رأينا عجباً أصبت بمثل هذا الابن، وأنت كما نرى؟! قال: وما لي لا أكون كما ترون، وقد جاءني خبر أصدق الصادقين أني ميّت وإياكم، إن قوماً عرفوا الموت فجعلوه نصب أعينهم، ولم ينكروا من تخطفه الموت منهم وسلّموا لأمر خالقهم عز وجل[1].