تركيز النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) على الجانب الماساوي لنهضة الحسين (عليه السلام)

ومن الملفت للنظر والحقيق بالانتباه أن نهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد تضمنت في مجمل أحداثها نكات جليلة حقيقة بالتنويه والتمجيد تكشف عن جوانب دينية قدسية، أو إنسانية نبيلة سبق أن تعرضنا لأكثرها بتفصيل عند الكلام في العبر التي تستخلص من الفاجعة.

كحفظ حرمة البيت والحرم الشريفين، وعدم البدء بالقتال، وتجنب العدوان، وسقي جيش الحر، وإيضاح الهدف بعيداً عن اللف والدوران، والإعلان عن خذلان الناصر وعن المصير المأساوي المنتظر - وهو القتل والشهادة - ليعرف من يتبعه على ماذا يقدم، وحثه (عليه السلام) لأصحابه واهل بيته على تركه لوحده في مواجهة ذلك من دون حرج عليهم ولا ذمام، وصلابة الموقف والإصرار عليه من دون تراجع، وعزة النفس وإباء الضيم ... إلى غير ذلك مما هو مدعاة للفخر والاعتزاز.

ومن المعلوم ان النبي (صلى الله عليه وآله) كان يفخر بأهل بيته (عليهم السلام) وينوه بفضلهم ويشيد بفضائلهم ومناقبهم، ويلفت نظر أمته إليها، حتى من لم يدركوا عصره منهم، كالإمام زين العابدين (عليه السلام) في عبادته، والإمام الباقر (عليه السلام) في علمه وشمائله، والمهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في فتحه وإصلاحه للمجتمع الإنساني. وكذلك الأئمة من بعده، حيث كان يشيد بعضهم ببعض، وينوه بفضله ورفعة شأنه.

ولكنهم جميعاً حين يتعرضون لنهضة الإمام الحسين (صلوات الله عليهم) يقتصرون على الجانب المأساوي منها، ويركزون على المظلومية وانتهاك الحرمة وما يناسبها من التفجع والحسرة والبكاء والعَبرة، ويحثون على إحيائها بما يناسب ذلك، ويؤكدون عليه بنحو ملفت للنظر، من دون أن يتعرضوا لشيء من النكات السابقة التي هي مدعاة للفخر والاعتزاز ويعطوها حجمها المناسب من التنويه والتمجيد في عرض تلك النهضة الشريفة والفات نظر الأمة إليها.

ولا يظهر لنا في وجه ذلك إلا أن الجانب المأساوي هو الجانب المهم في النهضة الشريفة وفي استثمارها لصالح المبدأ والدين، كما ذكرناه آنفاً.