اهتمام الأئمة (عليهم السلام) بالحفاظ على شيعتهم

ولذا بدؤوا (صلوات الله عليهم) يحثون شيعتهم على أن يحافظوا على أنفسهم، ويحقنوا دماءهم، ولا يتعرضوا للسلطان، ولا يذلوا أنفسهم بالاحتكاك به، وظهور مخالفتهم له، ويتجنبوا الجدل والخصومة مع الجمهور، ويبعدوا عن مظان الشهرة، ويحذروا من التعرض لتشهير الناس بهم وتهريجهم عليهم.

وأكدوا على التقية في الدين، وكتمان الحق عن غير أهله، وتجرع الغيظ والصبر على ما يقاسونه من أعدائهم ... إلى غير ذلك مما يجري هذا المجرى.

وما ورد عنهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في ذلك من الكثرة بحيث يتعذر استيعابه هنا، ويسهل التعرف عليه بأدنى مراجعة لتراثهم الثقافي الرفيع، وملاحظة لسلوكهم (عليهم السلام) وسلوك خواص أصحابهم.

وقد استطاعوا بذلك ان يكبحوا جماح غضب الشيعة وانفعالهم، ويحدوا نسبياً من اندفاعاتهم الانفعالية والعاطفية، حفاظاً عليهم.

كل ذلك لشدة اهتمامهم (صلوات الله عليهم) ببقاء المؤمنين وتكثيرهم، من اجل أن يؤدوا ما عليهم من حمل دعوة الحق والحفاظ عليها والتبليغ بها، وتجسيد تعاليمها عملاً، كي تبقى حية فاعلة جيلاً بعد جيل.

ومن الملفت للنظر ما في صحيح الحسين بن أبي العلاء: ((سالت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يقاتل دون ماله فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من قتل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد. فقلت: أ يقاتل أفضل أو لا [لم.خ ل] يقاتل؟ فقال: [إن لم يقاتل فلا بأس] أما أنا فلو كنت لم أقاتل وتركته))[1].

فان صدره قد تضمن بيان عظيم فضل القتل دفاعاً عن المال، ومع ذلك فذيله كالصريح في كون حفظ النفس أفضل. وما ذلك الا لما ذكرناه من اهمية بقاء المؤمنين وتكثيرهم من اجل خدمة دعوة الحق الشريفة.

 


[1] وسائل الشيعة ج: ١١ باب: ٤٦ من ابواب جهاد العدو وما يناسبه حديث: ١٠.