الصراع الحاد بين الصدر الأول يعرض الكيان الإسلامي للانهيار

الصراع الحاد بين الصدر الأول يعرض الكيان الإسلامي للانهيار

أولاً: لأن الصراع الحاد بعد ارتحال النبي (صلى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى يعرض الكيان الإسلامي العام للوهن والتفكك، أو الانهيار بردة ونحوها، لأن الناس حديثو عهد بالإسلام، ولم يتركز بعد في نفوسهم.

قال أنس بن مالك: ((وما نفضنا أيدينا من تراب قبر رسول الله ﷺ حتى أنكرنا قلوبنا))[1].

وقال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) في خطبة له عند مسيره إلى البصرة: ((إن الله لما قبض نبيه استأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة. فرأيت أن الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقل خلف ...))[2].

وقد تكرر من أمير المؤمنين وبقية الأئمة (صلوات الله عليهم) بيان هذه المضامين ونحوها.

قوة الكيان الإسلامي العام في عصر الإمام الحسين (عليه السلام)

ولا يقاس ذلك بعصر الإمام الحسين (صلوات الله عليه)، حيث ضرب الإسلام بجرانه، وانتشر في الأرض، وعمت دعوته، وتركز في النفوس، نتيجة المكاسب المادية والمعنوية التي حققها لأتباعه. ويأتي في كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) ما يناسب ذلك.

كما أن قيام دولة قاهرة واسعة الرقعة باسم الإسلام من أهم العوامل الحافظة لدعوته، لاهتمام ذوي المطامع في السلطة والنفوذ بالحفاظ على هذه الدعوة من أجل استغلالها لنيل مطامعهم.

الصراع الحاد يعرض الخاصة للخطر

وثانياً: لأن الصراع الحاد يعرض أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) والثلة الصالحة الثابتة على الحق من أصحابه للخطر.

وبالقضاء عليهم لا يبقى ناطق بدعوة الحق يُسمعها للناس بعد انتشار الإسلام في الأرض، وينفرد الإسلام الحاكم في الساحة من دون معارضة تقف في وجهه، وتحدّ من نشاطه في التثقيف والتحريف.

مع أنه لا أثر للتضحية من أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وخاصة أصحابه، لعدم تركز مفاهيم الإسلام، وعدم ظهور مقام أهل البيت (صلوات الله عليهم) ولا ظلامتهم بعد. بل لا يخرج الصراع بنظر عموم الناس عن كونه صراعاً على السلطة، غلب فيه من غلب، وخسر من خسر.

 


[1] مسند أبي يعلى ج: ٦ ص: ١١٠ فيما رواء عاصم عن أنس، والنفظ له. مسند أحمد ج: ۳ ص: ۲۲۱، ٢٦٨ مسند أنس، سنن ابن ماجة ج: ١ ص: ٥٢٢ كتاب الجنائز: باب ذكر وفاته ودفته ﷺ. سنن الترمذي ج: ٥ ص: ٢٤٩ أبواب المناقب عن رسول الله ﷺ في باب لم يسمه قبل باب ما جاء في ميلاد النبي ﷺ. صحيح ابن حبان ج: ١٤ ص: ٦٠١ کتاب التاريخ: باب وفاته ﷺ: ذكر إنكار الصحابة قلوبهم عند دفن صفي الله ﷺ. الاستذكار لابن عبد البر ج: ٣ ص: ۸۰. التمهيد لا بن عبد البرج: ۱۹ ص: ۳۲۳، وج: ٢٣ ص: ٣٩٤. تفسير القرطبي ج: ٤ ص: ٢٢٥، وغيرها من المصادر الكثيرة جداً.

[2] شرح نهج البلاغة ج:۱ ص: ۳۰۸.