عقوبة تارك الصلاة في الكتاب والسنة

عقوبة تارك الصلاة في الكتاب والسنة

 

الصلاة من أهم الواجبات الإلهية:

من ضمن أهم الأحكام الإسلامية الضرورية التي لا يختلف إثنان من المسلمين في وجوبها، هو وجوب الصلاة، وقد تظافرت الأخبار من الفريقين - بعد نصوص القرآن الكريم- على أهمية الصلاة واعتبارها عمود الدين ومعراج المؤمن، وإن قُبلت قُبل ما سواها من عمل وإن رُدت رُدّ ما سواها من عمل، ومَثَلها كمَثَل عمود الفسطاط، إذا ثبت العمود يثبت الأوتاد والاطناب، وإذا مال العمود وانكسر، لم يثبت وتد ولا طناب، وهي خير موضوع، فمن شاء أقل ومن شاء أكثر، وهي بعد ذلك صلة العبد بربه وهوية المسلم وعنوان العبودية الحقة لله تعالى ووجه دين المرء ولها من الآثار الدنيوية على صعيد الفرد في نفسه وبدنه وأخلاقه، وعلى صعيد المجتمع في رص الصفوف وإشاعة روح التعاون والمحبة والتسامح الشيء الكثير، وهي من أفضل الأعمال حيث سُئِل النبي(صلى الله عليه وآله) عن أفضل الأعمال فقال(صلى الله عليه وآله): (الصلاة لأول وقتها) (البحار: ج79، ص226).

وقد سأل معاوية بن وهب الإمام الصادق(عليه السلام): (عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله فقال(عليه السلام): ما أعلم شيئاً بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة، ألا ترى أن العبد الصالح عيسى بن مريم قال: (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)) (الكافي: ج3، ص264)، وعن الإمام الباقر(عليه السلام): (بني الإسلام على خمسة أشياء، على الصلاة والزكاة والحج والصيام والولاية. قال زرارة فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل؟ فقال(عليه السلام): الولاية أفضل،لأنها مفتاحهن والوالي هو الدليل عليهن، قلت: ثم الذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة، إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: الصلاة عمود دينكم) (الكافي: ج2، ص18)، وعن الإمام الصادق(عليه السلام): (أول ما يُحَاسب العبد [به] الصلاة، فإن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها) (فلاح السائل: ص127).

عقوبة تارك الصلاة في القرآن الكريم:

ترك الصلاة من الذنوب التي جاء الوعيد عليها بالعذاب في القرآن المجيد:

يقول تعالى: (في جناتٍ يَتساءَلونَ* عن المُجرمينَ* ما سَلَككُمْ في سَقَر* قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصلّينَ* ولَمْ نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ* وكنّا نَخوضُ مَعَ الخائِضينَ* وكُنّا نُكذِّبُ بيومِ الدينِ) (المدثر:40- 46)، وقال عز اسمه: (فلا صَدّقَ ولا صلّى* ولكنْ كَذَّبَ وَتَوَلّى* ثُمَّ ذَهَبَ إلى أهِلهِ يَتَمَطّى* أولى َلكَ فَأولى* ثَمَّ أولى لك فَأولى) (القيامة: 31- 35).

وقال سبحانه: (فويلٌ للمُصلينَ* الذينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِم ساهُونَ* الذينَ هُمْ يُراؤونَ وَيمْنَعونَ الماعُون) (الماعون: 4- 7)، والويل هو شدة العذاب، واسم لدركة من دركات جهنم، أو اسم لواد فيها، وهو كلمة العذاب والتنوين فيها لبيان العظمة.

وقال عز وجل: (فَخَلفَ مِن بَعدِهِم خلف أضاعوا الصلاةَ وأتّبعوا الشَهَواتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيّاً) (مريم: 59)، والغي هو واد في جهنم عذابه أشد من عذاب باقي طبقات النار، حتى يستغيث منه أهل جهنم، وقد نُقِل عن ابن عباس أن فيه ثعبانا طوله مسير ستين عاما وعرضه مسير ثلاثين عاما ولم يفتح فمه منذ خُلق إلا لتارك الصلاة وشارب الخمر.

وقال تقدست آلاؤه: (وأَقيموا الصلاةَ ولا تَكُونوا مِنَ المُشركين) (مريم:31)، وفي هذه الآية إشارة إلى أن تارك الصلاة هو بمنزلة المشرك، والآيات القرآنية في أهمية الصلاة كثيرة، يكفي منها ما تقدم.

عقوبة تارك الصلاة في الروايات الشريفة:          

1- ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من تهاون بصلاته من الرجال والنساء ابتلاه الله بخمس عشرة خصلة، ست منها في دار الدنيا وثلاث عند موته وثلاث في قبره وثلاث يوم القيامة إذا خرج من قبره.

فأما اللواتي تصيبه في دار الدنيا، فالأولى: يرفع الله البركة من عمره، والثانية يرفع الله البركة من رزقه، والثالثة يمحو الله عز وجل سيماء الصالحين من وجهه، والرابعة كل عمل يعمله لا يؤجر عليه، والخامسة لا يرتفع دعاؤه إلى السماء، والسادسة ليس له حظ في دعاء الصالحين.

وأما اللواتي تصيبه عند موته، فأولهن: أن يموت ذليلا، والثانية: يموت جائعا، والثالثة: يموت عطشانا فلو سقي من أنهار الدنيا لم يرو عطشه.

وأما اللواتي تصيبه في قبره، فأولهن: يوكل الله به ملكا يزعجه في قبره، والثانية: يُضَيَّق عليه قبره، والثالثة: تكون الظلمة في قبره.

وأما اللواتي تصيبه يوم القيامة إذا خرج من قبره، فأولهن: أن يوكل الله به ملكا يسحبه على وجهه والخلائق ينظرون إليه، والثانية: يحاسبه حسابا شديدا، والثالثة: لا ينظر الله إليه ولا يزكيه وله عذاب اليم) (فلاح السائل: ص22)، والظاهر أن المراد بالتهاون في الصلاة في هذا الحديث هو عدم أدائها أصلاً، من تهاون بالشيء بمعنى تركه.

2- وقال(صلى الله عليه وآله): (إذا كان يوم القيامة خرج من جهنم جنس من عقرب رأسه في السماء السابعة وذنبه تحت الثرى وفمه من المشرق إلى المغرب، فيقول: أين مَن حارب الله ورسوله؟ ثم ينزل جبرئيل فيقول: يا عقرب مَن تريد؟ فيقول: خمسة، تارك الصلاة...) (البحار: ج76، ص149).

3- وقال(صلى الله عليه وآله) أيضا: (إن في جهنم لوادياً يستغيث منه أهل النار كل يوم سبعين ألف مرة، وفي ذلك الوادي بيت من نار، وفي ذلك البيت جُبٌّ من نار، وفي ذلك الجب تابوت، وفي ذلك التابوت حية لها ألف رأس وفي كل رأس ألف فم وفي كل فم ألف ناب وفي كل ناب ألف ذراع قال أنس: قلت يا رسول الله(صلى الله عليه وآله) لمن يكون هذا العذاب؟ قال(صلى الله عليه وآله) لشارب الخمر وتارك الصلاة) (إرشاد القلوب: ج1، ص173).

4- وعن الإمام الصادق(عليه السلام) قال: (إن شفاعتنا لا تنال مستخفاً بالصلاة) (الأمالي: ص572).

 

عقوبة مُعين تارك الصلاة:

الروايات الواردة في عقوبة المعين لتارك الصلاة عديدة، ولسانها من أشد الألسنَة مما يفهم منه عظم هذا الذنب الذي يحاول الشارع سد جميع المنافذ على العبد في ارتكابه، وما التغليظ على المعين له إلا إشارة إلى هذا الأمر، فلا عجب بعد أن عرضنا أن تارك الصلاة كافر وخارج عن حد الإيمان أن يكون المعين له بهذه الصفة التي ستعرفها من هذه الأحاديث، منها:

ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) قوله: (مَن أعان تارك الصلاة بلقمة أو كسرة فكأنما قتل سبعين نبياً أولهم آدم وآخرهم محمد(صلى الله عليه وآله)) (لآلئ الأخبار: ج4، ص51)، وقال(صلى الله عليه وآله): (مَن أعان تارك الصلاة بشربة ماء فكأنما حارب وجادل معي ومع جميع الأنبياء) (لآلئ الأخبار: ج4، ص51)، وقال(صلى الله عليه وآله): (مَن تبسم في وجه تارك الصلاة فكأنما هدم البيت المعمور سبع مرات) (لآلئ الأخبار: ج4، ص51)، والظاهر أن المراد بمثل هذه الأحاديث ما إذا كانت الإعانة والإحسان إلى تارك الصلاة سببا في جرأته على ترك الصلاة، ولا شك أن الإحسان إلى العاصي متى ما كان سببا للجرأة، والاستمرار على المعصية حرام، يجب تركه من باب النهي عن المنكر، وبناءً على ذلك إذا لم تكن معونة تارك الصلاة سببا لجرأته على ترك الصلاة بحيث إن المعونة وعدم المعونة لا أثر لهما في تركه للصلاة، فهذا المورد لا يعلم أنه مشمول للروايات السابقة، بل إن الإعانة والإحسان قد تكون أحيانا سببا لتركه الذنب، وموجبة لأدائه الصلاة، ولا شك أن الإعانة في هذه الصورة أمر حسن، بل تصبح واجبة في بعض الموارد، ومن موارد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

قصص عن ترك الصلاة

تارك الصلاة في المطار:

خرجت جماعة من إحدى الدول الإسلامية العربية للتبليغ في إحدى الدول الغربية وعند المطار في تنقلاتهم الداخلية بين الولايات، ادركتهم الصلاة فاختاروا ركنا مناسبا في صالة الانتظار نظيفا وحددوا اتجاه القبلة بالبوصلة، وفرشوا سجادتهم نحو القبلة وكبّروا للصلاة، فكان منظرا روحيا يستهوي القلوب ومشعرا للغير هيبة المقام وانتظام هؤلاء الرجال نحو ربهم العزيز الحميد، فتجمّع بعض مَن كان في الصالة خلفهم وعلى الجوانب، يرقبون هذا المنظر الغير مألوف لهم، البعض معجب بانتظام حركة الصف الذي يلي إمام الصلاة، فإن كبّر كبروا وإن ركع ركعوا بعده، وإن سجد سجدوا، والبعض أُعجب بمنظر الجماعة في القيام وهم ينظرون إلى موضع السجود خشوعا وخضوعا في صالة تموج بالبشر، لا يلتفتون لأحد، فاجتمع الناس حولهم استطلاعا وتعظيما، والبعض أخذ لذلك المشهد صورا فوتوغرافية، والبعض بكاميرا فيديو مما يحملها المسافرون عادة في تلك الدول وما أكثرها.

وبعد الصلاة والأذكار المسنونة، شعرت الجماعة بالإعجاب من الحاضرين وجلّهم غير مسلمين، ومن تجرأ منهم لاستفسار بعد القيام من الصلاة ولف السجادات، وجدوها فرصة للدعوة إلى الله والتعريف لهم بأهمية الصلاة في حياة المسلم يؤديها في وقتها في أي بقعة كان، وأكثر الجماعة يجيدون اللغة الانجليزية، العجيب في القصة أن تقدم أحد الشباب العرب ظاهرا ممن يعمل في تلك الديار وخاطب الجماعة وسط الجماهير المحتفلة بهم، وبدأ يوبخّهم على فعلهم ذلك والصلاة في تلك الزاوية من الصالة، وصار يهذي في الكلام، ومن جملة استنكاره عليهم قوله هذه الجملة، (الناس صعدوا للفضاء وانتم تصلون في المطارات، لقد أشعرتمونا بالحياء والخجل أمام الناس) تبسمت الجماعة في وجهه إلا أنه ظل يكرر التوبيخ فأخذه جانبا أحد أفراد الجماعة من ذوي الحكمة والعلم ليتكلم معه، قال المبلّغ لذلك الشاب: أنت عربي؟.

- أجاب الشاب: نعم.

 - عربي مسلم؟.

- أجاب الشاب: نعم مسلم.

 من أي دولة ؟ فأجابه باسم دولته.

- قال المبلّغ: هل تصلي؟.

- أجاب: لا. - وهنا ضرب المبلّغ ضربته وقال هل سبق لك أن صعدت إلى الفضاء مع من صعدوا ؟!!.

- أجاب المسكين لا.

- فقال المبلّغ: يا أخي لم تصعد أنت إلى الفضاء ولا تصلي مع أنك مسلم، ونحن مثلك لم نصعد للفضاء ولكننا نصلي فمن يفقد أحد الأمرين خير ممن يفقد الأمرين معاً، فلا نترك الصلاة ونفقد صلتنا بالله مع افتقادنا للوصول إلى فضائه؟ فسكت الشاب ولم يجبه بكلمة وانسحب خجلا من نفسه ومن تعرضه لهم.

عاقبة تارك الصلاة:

هذه قصة حقيقية رويت عن مُغسّلة للأموات في إحدى الدول الإسلامية تُكنّى بأم أحمد تقول: طلبتني إحدى الأسر لأقوم بتغسيل شابة ميتة لهم، وبالفعل ذهبت وما أن دخلت البيت حتى أدخلوني في الغرفة التي توجد بها الميتة وبسرعة أغلقوا عليّ الباب بالمفتاح، فارتعش جسدي من فعلتهم ونظرت حولي، فإذا كل ما أحتاجه من غسول وحنوط وكفن وغيره مجهز، والميتة في ركن الغرفة مغطاة بقماش، فطرقت الباب لعلي أجد من يعاونني في عملية الغسل، ولكن لا مجيب، فتوكلت على الله وكشفت الغطاء عن الميتة فصدمت لما رأيت.

رأيت منظرا تقشعر له الأبدان، وجه مقلوب وجسم متيبس ولونها أسود كالح سواد ظلمة.. كنت في السابق قد غسّلت كثيرا من الناس ورأيت أكثر من ذلك، لكن مثل هذه البنت لم أر، فذهبت أطرق الباب بكل قوتي لعلي أجد جواباً ِلما رأيت، لكن كأن لا أحد في المنزل، فجلست أذكر الله وأقرأ وأصبّر على نفسي حتى هدأ روعي ورأيت أن الأمر سيطول ثم أعانني الله وبدأت التغسيل، ولكن كلما أمسكت عضوا تفتت بين يدي كأنه شيء متعفن، فأتعبني غسلها تعباً شديدا، فلما انتهيت ذهبت لأطرق الباب وأنادي عليهم أفتحوا الباب افتحوا لقد كفنت ميتكم وبقيت على هذه الحال فترة ليست قصيرة، بعدها فتحوا الباب وخرجت أجري لخارج البيت لم اسألهم عن حالها ولا عن السبب الذي جعلها بهذا المنظر.

بعد أن عدت بقيت طريحة الفراش لثلاثة أيام من فعل العائلة بإغلاق الباب ومن المشهد المخيف، وبعدها ذهبت وقلت لهم أسألكم بالله سؤالين:

أما الأول: فلماذا أغلقتم الباب عليّ؟

والثاني: ما الذي كانت تعمله ابنتكم؟

فقالوا: أغلقنا عليكِ الباب لأننا أحضرنا سبع مغسّلات قبلك، فعندما يرونها يرفضن تغسيلها.

وأما حالها فكانت لا تصلي أبدا. فلا حول ولا قوة إلا بالله هذه حالها و هي لم تدخل القبر بعد، فكيف بحالها يوم القيامة وعندما تدخل النار، وكيف سيكون عذابها بعد ذلك أعاذنا وإياكم الله من عذابه.

من لا يتوجه إلى القبلة في حياته لا يتوجه إليها بعد موته: 

جاء أحدهم بشاب ميت لتغسيله وبعد إنزاله للطاولة شعر المغسّل برائحة كريهة جدا تنبعث من جسده، فتلثم من شدة الرائحة بالرغم من أن الجثة حديثة الموت.

عندما انتهى من الغسل طلب من أخ الميت عدم الصلاة عليه في المسجد، وحضر الإمام الذي رفض أيضا ذلك بسبب الرائحة الكريهة جدا، فصلُّوا عليه في المقبرة، وعندما أنزلوه في القبر أداروا وجهه إلى القبلة وكانت المفاجأة، انحرف وجهه لعكس القبلة، وكرروها ثلاث مرات وكل مرة ينقلب الوجه عكس القبلة... وعندما سُئِل أخو الميت - الذي كان مصعوقا من المنظر: ماذا كان يعمل أخوك؟ أجاب كان لا يصلي لله تعالى ولا يعرف اتجاه القبلة في حياته لا حول ولا قوة إلا بالله.

 

لتحميل الملف