الخوف من الله هو الطريق الأمثل لدرك الجنة ورضا الله، وهو السبيل لإصلاح النفس، فالخائف من الله لا يكذب ولا يغتاب ولا يفعل ما يحرمه الله تعالى، وفي المقابل الله تعالى ينزل عليه بخوفه من أنواع الرحمات ويدخله فسيح جنته، وفوق ذلك الخائف من الله مطمئن النفس لأنه مستعد للموت في أي آن ولحظة.
والدليل على ذلك ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (من خاف الله آمنه الله من كل شيء، ومن خاف الناس أخافه الله سبحانه من كل شيء)[1].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: (من خاف الله أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء)[2].
وعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (من عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة الله عز وجل، حرم الله عليه النار، وآمنه من الفزع الأكبر، وأنجز له ما وعده في كتابه، في قوله: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ))[3].
وكذا ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى:
((وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ). قال: من علم أن الله يراه ويسمع ما يقول ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال فذلك الذي خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى)[4].
فالله سبحانه وتعالى تكفل على أن يرحم ويدخل الخائف منه فسيح جنته، ففي الحديث القدسي: (وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين، ولا أمنين: فإذا خافني في الدنيا آمنته يوم القيامة، وإذا آمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة)[5].
فيضمن لنا الله الرحمة إن جعلنا ميزانه نصب أعيننا، ولذا ترى الصالحين قد خافوا الله تعالى فنظر إليهم نظرة رحيمة، فعن ليث بن أبي سليم قال: (سمعت رجلاً من الأنصار يقول: بينما رسول الله(صلى الله عليه وآله) مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر، إذ جاء رجل فنزع ثيابه، ثم جعل يتمرغ في الرمضاء، يكوي به ظهره مرة، وبطنه مرة، وجبهته مرة، ويقول: يا نفس ذوقي، فما عند الله عز وجل أعظم مما صنعت بك، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) ينظر إلى ما يصنع.
ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل فأومأ إليه النبي (صلى الله عليه وآله): بيده ودعاه فقال له: يا عبد الله!، لقد رأيتك صنعت شيئاً ما رأيت أحداً من الناس صنعه، فما حملك على ما صنعت؟
فقال الرجل: حملني على ذلك مخافة الله عز وجل، وقلت لنفسي: يا نفس ذوقي فما عند الله أعظم مما صنعت بك؟.
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): لقد خفت ربك حق مخافته، وإن ربك ليباهي بك أهل السماء. ثم قال لأصحابه: يا معشر من حضر!، ادنوا من صاحبكم حتى يدعوا لكم.
فدنوا منه فدعا لهم، وقال: اللهم اجعل أمرنا على الهدى، واجعل التقوى زادنا، والجنة مآبنا)[6].