الفصل الثالث: محاسبة النفس: معنى المراقبة والمحاسبة

معنى المراقبة والمحاسبة

المراقبة: هي ضبط النفس وصيانتها عن الإخلال بالواجبات ومقارفة المحرمات بأن يلاحظ ظاهره وباطنه دائما، حتى لا يقدم على شيء من المعاصي، ولا يترك شيئا من الواجبات، ليتوجه عليه اللوم والندامة وقت المحاسبة.

وأما المحاسبة فهي: نظر النفس كلَّ يوم لما عملته من الطاعات والمبرات، أو اقترفته من المعاصي والآثام، فإن وجد ذنباً استغفر الله وعزم على عدم العود إليه وإن وجد طاعة شكر الله عليها وعزم على الاستزادة منها، وشيئا فشيئا تقل ذنوبه التي يكتسبها وتزداد طاعاته التي يأتي بها، فتغلب كفة حسناته على كفة سيئاته، فيرجى له النجاة يوم القيامة بذلك، وعليه مع ذلك أن يكون دائم الخوف من الله والحذر من سطواته وأن لا تغره أعماله وأن يدعو الله بحسن الخاتمة والعاقبة، لأن الأعمال بخواتيمها.

وجدير بالعاقل المستنير بالإيمان واليقين، أن يروّض نفسه على المحاسبة والمراقبة فإنّ النفس أمّارة بالسوء: متى أهملت زاغت عن الحق، وانجرفت في الآثام والشهوات، وأودت بصاحبها في مهاوي الشقاء والهلاك، ومتى اُخذت بالتوجيه والتهذيب، أشرقت بالفضائل، وازدهرت بالمكارم، وسمت بصاحبها نحو السعادة والهناء قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا)[1].

هذا على أن للمحاسبة، والمراقبة أهمية كبرى في تأهب المؤمن، واستعداده لمواجهة حساب الآخرة، وأهواله الرهيبة، ومن ثم اهتمامه بالتزوّد من أعمال البر والخير الباعثة على نجاته وسعادة مآبه.

 


[1]  سورة الشمس: آية 7- 10.