الذنوب في لسان الآيات والروايات

أما في التحذير من المعاصي فقد جاءت آيات وروايات للتهويل منها، فمن ضمن الآيات قوله تعالى: (بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)[1].

وقوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ)[2].

ففي الآية الأولى صرح القرآن الكريم على أن اكتساب المعاصي سبب لدخول النار والخلود فيها، بينما الآية الأخرى وصفت أتباع الرسول (صلى الله عليه وآله) بأنهم هم الراشدون لكونهم تركوا الكفر والفسوق والعصيان، فكل هذه الأمور هي أساس الشر والطغيان فلو صفا الإنسان عنها لصار من القوم الذين يحبون لقاء اللَّه تعالى لأنهم راضون عن أنفسهم، بعد رضا الله سبحانه عنه.

وقال تعالى:( فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنْ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)[3].

وقال عز وجل:( أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) [4].

وقال جل ذكره: (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) [5].

وقال سبحانه:( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [6].

وقال تقدست آلاؤه:( مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً) [7].

وقال عز وجل: (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا)[8].

وقال تعالى: (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [9].

وقال تقدست أسماؤه:( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)[10].

وقال سبحانه: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [11].

وأما الأحاديث فهي كالمعتاد تفصل وتبين حتى الجزئيات الدقيقة لهداية البشر وإليك ما يهز الكيان ويحفز القلب فقد قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في الحديث الذي رواه الإمام الصادق (عليه السلام) عنه قال: (عجبت لمن يحتمي من الطعام مخافة الداء كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار)[12].

فنحن نخاف من الطعام الذي يضرنا ولكن في المقابل هنالك شيء إذا فعلناه لم نتمرض فقط بل ندخل النار ألا وهي الذنوب فكما لابد أن نحافظ على صحتنا من الأمراض لابد أن نرحم أجسادنا الضعيفة عن النار.

وقال (صلى الله عليه وآله): (احذر سُكر الخطيئة فان للخطيئة سكرا كسكر الشراب، بل هي أشد سكرا منه يقول الله تعالى: (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ))[13].

وعنه (صلى الله عليه وآله): (إن العبد ليُحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن)[14].

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ألا وإن الخطايا خيل شُمُس حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت بهم في النار)[15].

وعنه (عليه السلام): (يا أيها الإنسان، ما جرأك على ذنبك، وما غرك بربك، وما آنسك بهلكة نفسك)[16].

وعنه (عليه السلام): (مجاهرة الله سبحانه بالمعاصي تعجل النقم)[17].

وعنه (عليه السلام): (أسرع المعاصي عقوبة أن تبغي على من لا يبغي عليك)[18].

وعنه (عليه السلام): (ما جفت الدموع إلا لقسوة القلوب، وما قست القلوب إلا لكثرة الذنوب)[19].

وسُئل أمير المؤمنين (عليه السلام): (أي ذنب أعجل عقوبة لصاحبه؟ فقال: من ظلم من لا ناصر له إلا الله، وجاور النعمة بالتقصير، واستطال بالبغي على الفقير)[20].

وعن العباس بن هلال الشامي قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: (كلما أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعملون، أحدث الله لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون)[21].

وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: يقول الله عز وجل: (إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني)[22].

وعنه (عليه السلام): (الذنوب التي تغير النعم البغي، والذنوب التي تورث الندم القتل، والتي تنزل النقم الظلم، والتي تهتك الستر شرب الخمر، والتي تحبس الرزق الزنا، والتي تعجل الفناء قطيعة الرحم، والتي ترد الدعاء وتظلم الهواء عقوق الوالدين)[23].

وعن الإمام الكاظم (عليه السلام): (إن لله عز وجل في كل يوم وليلة مناديا ينادي: مهلا مهلا عباد الله عن معاصي الله، فلولا بهائم رُتَّع، وصبية رُضَّع، وشيوخ رُكَّع، لصب عليكم العذاب صبا، ترضون به رضا)[24].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (كتب رجل إلى الحسين (عليه السلام): عظني بحرفين، فكتب إليه: من حاول أمرا بمعصية الله كان أفوت لما يرجو وأسرع لمجيئ ما يحذر)[25].

وعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إذا كذبت الولاة حبس المطر، وإذا جار السلطان هانت الدولة، وإذا حبست الزكاة ماتت المواشي)[26].

 


[1]  سورة البقرة: آية81.

[2]  سورة الحجرات: آية7.

[3]   سورة البقرة: آية59. 

[4]  سورة المائدة: آية49.

[5]  سورة الأنعام: آية6.

[6]  سورة الأعراف: آية 96.

[7]  سورة نوح: آية25.

[8]  سورة الشمس: آية14.

[9]  سورة الأنعام: آية129.

[10]  سورة المطففين: آية14.

[11]  سورة الشورى: آية30.

[12]  من لا يحضره الفقيه: ج3 ص359.

[13]  بحار الأنوار: ج74، ص102.

[14]  الكافي: ج2، ص272.

[15]  المصدر السابق: ج8، ص67.

[16]  نهج البلاغة: ج2، ص213.

[17]  موسوعة أحاديث أهل البيت عليهم السلام: ج4، ص59. 

[18]  مستدرك الوسائل: ج12، ص87.

[19]  وسائل الشيعة: ج16، ص45.

[20]  الاختصاص: ص234.

[21]  الكافي: ج2، ص275.

[22]  الكافي: ج2، ص276.

[23]  المصدر السابق: ج2، ص448.

[24]  المصدر السابق: ج2، ص276.

[25]  الكافي: ج2، ص273.

[26]  وسائل الشيعة: ج9، ص31.