كرامات الإمام الباقر(عليه السلام)

يتميّز الأئمّة (عليهم السلام) بارتباطٍ خاصٍّ بالله تعالى وعالَم الغيب، بسبَبِ مقامِ العصمة والإمامة، ولَهُم - مثل الأنبياء - معاجزٌ وكرامَاتٌ تؤيِّد ارتباطهم بالله تعالى، وكونَهم أئمّة، وللإمام الباقر (عليه السلام) معاجز وَكراماتٌ كثيرةٌ، سجَّلَتْها كتبُ التاريخ، ونذكر هنا بعضاً منها:

الكرامة الأولى:

عن عباد بن كثير البصري قال: قلت للباقر (عليه السلام): (ما حق المؤمن على الله؟ فصرف وجهه، فسألته عنه ثلاثاً، فقال: من حق المؤمن على الله أن لو قال لتلك النخلة أقبلي لأقبلت.

قال عباد: فنظرت والله إلى النخلة التي كانت هناك قد تحرّكت مقبلة، فأشار إليها: قرّي فلم أعنِكِ)[1].

الكرامة الثانية:

عن أبي بصير قال: (كنت مع الإمام الباقر (عليه السلام) في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)
قاعداً، حدثان ما مات علي بن الحسين (عليهما السلام) إذ دخل الدوانيقي، وداود بن سليمان قبل أن يفضى الملك إلى ولد العباس، وما قعد إلى الباقر (عليه السلام) إلاّ داود، فقال (عليه السلام): ما منع الدوانيقي أن يأتي؟ قال: فيه جفاء.

قال الإمام الباقر (عليه السلام): لا تذهب الأيام حتّى يلي أمر هذا الخلق، فيطأ أعناق الرجال، ويملك شرقها وغربها، ويطول عمره فيها، حتّى يجمع من كنوز الأموال ما لم يجمع لأحد قبله)، فقام داود وأخبر الدوانيقي بذلك، فأقبل إليه الدوانيقي وقال: ما منعني من الجلوس إليك إلاّ إجلالاً لك، فما الذي أخبرني به داود؟ فقال: هو كائن.

فقال: ومُلْكنا قبل ملككم؟ قال: نعم، قال: ويملك بعدي أحد من ولدي، قال: نعم، قال: فمدّة بني أميّة أكثر أم مدّتنا؟ قال: (مدّتكم أطول، وليتلقفن هذا الملك صبيانكم، ويلعبون به كما يلعبون بالكرة، هذا ما عهده إليّ أبي)، فلمّا ملك الدوانيقي تعجّب من قول الباقر (عليه السلام))[2].

الكرامة الرابعة:

عن أبي بصير قال: (قلت يوماً للباقر (عليه السلام): أنتم ذرّية رسول الله؟ قال:  نعم، قلت: ورسول الله وارث الأنبياء كلّهم؟ قال: نعم، ورث جميع علومهم، قلت: وأنتم ورثتم جميع علم رسول الله؟ قال: نعم، قلت: وأنتم تقدرون أن تحيوا الموتى، وتبرءوا الأكمة والأبرص، وتخبروا الناس بما يأكلون وما يدّخرون في بيوتهم؟ قال: نعم، بإذن الله.

ثمّ قال: أدن منّي يا أبا بصير، فدنوت منه، فمسح يده على وجهي، فأبصرت السهل والجبل والسماء والأرض، ثمّ مسح يده على وجهي، فعدت كما كنت لا أبصر شيئاً، قال: ثمّ قال لي الباقر (عليه السلام): إن أحببت أن تكون هكذا كما أبصرت، وحسابك على الله، وإن أحببت أن تكون كما كنت وثوابك الجنّة، فقلت: أكون كما كنت والجنّة أحب إليّ)[3].

خاتمة:

وبعد ذكر هذه المناقب الباقرية ليس لنا إلا أن نعيد ما قاله الحاج علي محمد علي محمد دخيل فنقول: (لو أخذ المسلمون سيرة الرسول
الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) للعمل والتطبيق لحصلوا على أعظم مكسب في حقل التوجيه والأخلاق، ولسادوا الأمم ولامتدوا بالإسلام في أرجاء المعمورة، ولحققوا أعظم انتصار في الحق الداخلي والخارجي، فالبشرية لم تعهد بقادتها وموجهيها وعلمائها ومفكريها على مر العصور والأجيال بمثل هذه السير الغراء وعسى أن يرعوي المسلمون ويعودوا للطريق فيأخذوا من هذا المعين الصافي، والمنبع العذب)[4].

 


[1] الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج1، ص272.

[2] الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج1، ص273.

[3] الخرائج والجرائح لقطب الدين الراوندي: ج1، ص274.

[4] أئمتنا لعلي محمد دخيل: ج1، ص343.