الذنوب من جملة الآفات النفسية التي تمنع من تكامل الإنسان وبلوغه الرقي النفسي والخلقي المطلوبين بحسب الشريعة الإسلامية، باعتبار أن تكامل النفس الإنسانية من جملة اهتماماتها بل من أهم أولوياتها، ولذا أثر عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قوله : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)[1]، وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصفه(صلى الله عليه وآله): (طبيب دوار بطبه)[2]، فالرسالة المحمدية اهتمت كثيرا بتربية النفس بجهادها ورياضتها وتقوية ملكة الإرادة فيها، لمصارعة الهوى والشهوات والتي هي من الدواعي الرئيسة للذنوب، ولاشك أنّ أول الطريق لمعالجة الذنوب معرفتها؛ ولذا فإنّ الانتباه إلى تلك الآفات التي تصيب الإنسان من أهمّ الأمور التي ينبغي التعرف عليها، وهي بمنزلة النبات الرديء الذي ينبت في أرض النفس الإنسانية فيحجب النور عن باقي النباتات النافعة ويضعف تربة النفس من تنمية الفضائل، فلو فرضنا أن هناك بستانين متشابهين من حيث الماء والهواء والتراب والحرارة وكذلك حال الشبه بالنسبة إلى أشجارهما، وكان لهما فلاحان، أحدهما يهتم بمكافحة الأمراض والآفات التي كانت تصيب بستانه، أمّا الآخر فكان يجهل، أو لا يهتم بأمراض وآفات بستانه، فمن الطبيعي أن يكون بستان الأول ذا ثمار جيدة، ومتنوعة بينما يكون بستان الثاني مأَكْلاً للدود وعرضة للذبول.
وهكذا الإنسان إذا لم يعالج أمراضه الروحية والجسمية فسيصبح عنصراً ضارّاً وخطراً، أمّا إذا انتبه وراقب نفسه وعالج أمراضها، فعندها يكون شخصاً مفيداً ولائقاً.
إنّ الآفات والأضرار في الإنسان هي عيوبه المؤدية إلى ارتكابه للذنوب، وهي التي أرسل جميع الأنبياء وكذلك نزلت الكتب السماوية على تحذير الناس من مغبّة التلوث بها، مؤكّدين على الطهارة واجتناب الذنب، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (إن لله تعالى ملكاً ينزل كل ليلة فينادي:
يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا، ويا أبناء الثلاثين لا تغرنكم الحياة الدنيا، ويا أبناء الأربعين ماذا أعددتم للقاء ربكم، ويا أبناء الخمسين أتاكم النذير، ويا أبناء الستين زرع آن حصاده، ويا أبناء السبعين نودي لكم فأجيبوا، ويا أبناء الثمانين أتتكم الساعة وأنتم غافلون، ثم يقول: لولا عبادٌ ركع ورجال خشع وصبيان رضع وأنعام رتع لصب عليكم العذاب صباً)[3].