مما لا خلاف فيه، ولا ريب أن عقوق الوالدين من الكبائر، حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ثلاثة لا ينظر الله إليهم: المنان بالفعل، وعاق والديه، ومدمن خمر)[1]، واعتبرته الشريعة الإسلامية بمستوى الشرك بالله، ومن أكبر الكبائر كما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله): (من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين)[2]، لكون العاق يعتبر شقياً عاصياً، بخلاف البار فإنه مطيع محسن.
لذا حرمت الشريعة الإسلامية على الأنباء أن يعقوا آباءهم، ولزم الحذر من الاستخفاف بهذا الواجب، فقد روي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (لو علم الله شيئًا هو أدنى من أفٍّ لنهى عنه، وهو من أدنى العقوق، ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما)[3].
وقيل للإمام زين العابدين (عليه السلام): أنت أبرّ الناس، ولا نراك تُواكل أمّك، قال: (أخاف أن أمدّ يدي إلى شيء، وقد سبقت عينها عليه، فأكون قد عققتها)[4].
وربما يسأل البعض عن علة تحريم عقوق الوالدين، فنذكر ما روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: (حرم الله عقوق الوالدين لما فيه من الخروج عن التوقير (من التوفيق) لطاعة الله عز وجل، والتوقير للوالدين وتجنب كفر النعمة وإبطال الشكر وما يدعو في ذلك إلى قلة النسل وانقطاعه، لما في العقوق من قلة توقير الوالدين والعرفان بحقهما وقطع الأرحام والزهد من الوالدين في الولد وترك التربية بعلّة ترك الولد برهما)[5].
وأكد الإسلام على أن سخط الوالدين يوجب سخط الله تعالى، وكذلك غضبهما يوجب غضب الله، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (من أسخط والديه فقد أسخط الله، ومن أغضبهما فقد أغضب الله، وإن أمراك ان تخرج من أهلك ومالك فأخرج ولا تحزنهما)[6]، ولأجل أن عقوقهما وسخطهما يستلزم سخط الله تعالى لذا تترتب على هذه المعصية الكبيرة آثار وخيمة في الدنيا والآخرة.