المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين

إن الإسلام لما كان تشريعا إلهيا متكاملا فقد ضمن في مطاويه وجنباته تشريعات تكفل حقوق كل فرد من أفراد المجتمع – صغيرا كان أو كبيرا عبدا كان أو سيدا رجلا كان أو امرأة – وذلك بمقتضى عدالته تعالى وحكمته وعلمه.

لذا نرى آيات القرآن والأحاديث الشريفة قد تحدثت عن كل واحد من مكونات المجتمع، لتؤسس له المنظومة التشريعية التي تخصه وتكفل حقه بالحياة من دون تعد من أحد عليه، والأهم من ذلك لتثقف المجتمع على احترامه وتقديره، فيعيش بعد ذلك هذا المجتمع حياة كريمة تسودها القيم والآداب والفضائل، ثم لتلتئم هذه الحقوق فتكوِّن بمجموعها التشريع المتكامل للمجتمع الإسلامي.

ومن ضمن أفراد المجتمع بل من أهمها المرأة بكل أوصافها ومراحلها العمرية وأدوارها الاجتماعية، فالمرأة وهي بنت والمرأة وهي أخت والمرأة وهي زوجة ثم المرأة وهي أم، وفي كل ذلك ترى الإسلام حافلا وزاخرا بما يؤسس ويوعِّي باتجاه حقها وكرامتها، بل وأهميتها في المجتمع، فالمرأة كما قيل: نصف المجتمع، وهذا النصف له حقوقه ومسؤولياته كما أن للنصف الآخر حقوقه ومسؤولياته، وهذه الحقوق والمسؤوليات تختلف بين الصنفين بحسب استعدادات كل منهما وقابلياته الجسدية والنفسية وبحسب ما رسمته له الشريعة من وظائف وآداب.

وهذا التقسيم هو التقسيم الصحيح الموافق للفطرة الإنسانية والخِلقة الربانية والجوانب النفسية والذهنية لكل منهما، وما دعوى المساواة بينهما إلا دعوى شيطانية يراد منها جرُّ المرأة  إلى التحلل الأخلاقي بما يؤدي إلى فساد المجتمع، فهي دعوى غير علمية ولا تستند إلى أساس معرفي صحيح إن أحسنّا الظن بها.

فنحن في هذا الكراس سنحاول تسليط الضوء على المكانة التي رسمها الإسلام للمرأة في المجتمع بأدوارها المختلفة، لنؤكد على أن هذا الدين هو التشريع الاجتماعي الوحيد من بين كل التشريعات الذي أعطى للمرأة المكانة اللائقة بها والمناسبة لفطرتها وتكوينها، لاسيما إذا نظرنا إليه في زمن صدوره حيث الإنسانية يلفها الجهل والظلم والفساد بكل ما تعنيه هذه الكلمات، واستمر ظلم المرأة في كل عصر ومكان إلى يومنا هذا وإن اختلفت الأساليب واللغات، فكان بعضها براقا خداعا أكثر من غيره كما نراه في عصرنا الحاضر الذي يُدعى فيه بحقوق الإنسان والمساواة والحرية وغيرها من العناوين التي إن أريد منها معناها حقيقة – مع التشكيك في ذلك – فقد أخطأ سبيله في كثير من الأحيان، والأحيان القليلة التي أصابوا فيها قد كانوا عيالا فيها على تشريعات الإسلام.

وسنقسم البحث بحسب أدوار المرأة وأطوارها إلى أربعة أدوار:

دور البنت والأخت.

دور الزوجة.

دور المربية.

دور الأم.

هذا ولا يخفى أن هناك عناوين أخرى للمرأة في المجتمع مثل العمة والخالة والجدة وأم الزوجة والمرضعة والأمَة وملك اليمين وغير ذلك، لم نتعرض لها لوضوح رجوعها إلى أحد العناوين الأربعة المتقدمة إذ أنها تشمل كل واحدة من هذه العناوين في مرحلة ما من حياتها.

نسأل الله أن ينفع بهذا العمل بعد أن يتقبله خالصا لوجهه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.