عقوبة قاذف المحصنات

من خلال تتبع الروايات الواردة عن أهل بيت الرحمة (عليهم السلام) يتبين لنا أن لقاذف المحصنات عقوبتين عقوبة دنيوية وعقوبة أُخروية، وهذا يبين لنا ما لهذا الذنب من حرمة عظيمة عند الله عز وجل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ومَن رمى محصنا أو محصنة أحبط الله عمله، وجلده يومَ القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه ومن خلفه، وتنهش لحمه حياة وعقارب، ثم يؤمر به إلى النار)[1].

وفي رواية أخرى أن امرأة جاءت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت: (يا رسول الله إني قلت لأَمَتي: يا زانية، فقال: هل رأيت عليها زنا؟ فقالت: لا، فقال: أما إنها ستُقاد منك[2] يوم القيامة، فرجعت إلى أمتها فأعطتها سوطا، ثم قالت: اجلديني، فأبت الأمة، فأعتقتها، ثم أتت إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فأخبرته، فقال: عسى أن يكون به)[3].

هذا العقاب الأخروي أما العقاب الدنيوي فعن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (القاذف يُجلد ثمانين جلدة، ولا تُقبل له شهادة أبدا، إلا بعد التوبة أو يُكذب نفسه، فإن شهد له ثلاثة وأبى واحد، يُجلد الثلاثة ولا تقبل شهادتهم حتى يقول أربعةٌ: رأينا مثل الميل في المكحلة)[4].

وعن أبي بصير، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في امرأة قذفت رجلا، قال: (تجلد ثمانين جلدة)[5].

وعن عبد الله بن سنان، قال: (قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن الفِريةَ ثلاث - يعني: ثلاث وجوه - إذا رمى الرجلُ الرجلَ بالزنا، وإذا قال: (إنّ أمَّه زانية، وإذا دعا لغير أبيه، فذلك فيه حد ثمانون)[6].

وعن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل إذا قذف المحصنة قال: (يُجلد ثمانين، حرا كان أو مملوكا)[7].

وعن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (لو أُتيت برجل قَذف عبدا مسلما بالزنا لا نعلم منه إلا خيرا، لضربته الحد حد الحر إلا سوطا)[8].

وعن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، في ثلاثة شهدوا على رجل بالزنا، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (أين الرابع؟ فقالوا: الآن يجئ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): حُدُّوهم فليس في الحدود نظرة ساعة)[9].

ويشمل القذف قذف الرجل زوجته وولده، فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام): عن رجل قذف امرأته فتلاعنا، ثم قذفها بعد ما تفرقا أيضا بالزنا، أعليه حد؟ قال: (نعم عليه حد)[10].

وعن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قذف ابنه بالزنا، قال: (لو قَتَله ما قُتل به، وإن قذفه لم يجلد له، قلت: فإن قذف أبوه أمَّه قال: إن قذَفها وانتفى من ولدها تلاعنا، ولم يلزم ذلك الولد الذي انتفى منه، وفُرِّق بينهما، ولم تحل له أبدا، قال: وإن كان قال لابنه وأمُّه حية: يا ابن الزانية ولم ينتف من ولدها، جُلد الحد لها ولم يفرق بينهما، قال: وإن كان قال لابنه: يا ابن الزانية وأمُه ميتة ولم يكن لها مَن يأخذ بحقها منه إلا ولدها منه، فإنه لا يقام عليه الحد، لأن حق الحد قد صار لولده منها، فإن كان لها ولد من غيره فهو وليها يجلد له، وإن لم يكن لها ولد من غيره وكان لها قرابة يقومون بأخذ الحد جلد لهم)[11].

 


[1] ثواب الأعمال: ص285.

[2] في المصدر: سيقاد لها.

[3] وسائل الشيعة: ج28، ص174.

[4] وسائل الشيعة: ج 18، ص433.

[5] الكافي: ج7، ص205.

[6] الكافي: ج7، ص205.

[7] المصدر السابق.

[8] المصدر السابق: ج7، ص208.

[9] وسائل الشيعة: ج18، ص373.

[10] الكافي: ج7، ص212.

[11] الكافي: ج7، ص212.