الإمام الباقر (عليه السلام) ومسائل طاووس اليماني

أقبل طاووس اليماني مع جماعة من أصحابه على الإمام الباقر (عليه السلام) فقال: أتأذن لي في السؤال؟

فقال (عليه السلام): (أَذِنَّا لك فَسَلْ).

قال: فأخبرني متى هلك ثُلث الناس؟

قال (عليه السلام): (وَهُمت يا شيخ، أردت أن تقول: متى هلك ربع الناس؟ وذلك يوم قتل قابيل هابيل، كانوا أربعة: آدم، وحواء، وقابيل، وهابيل، فهلك ربعهم).

فقال: أَصَبتَ وَوَهَمْتُ أنا، فأيهما كان أباً للناس القاتل أو المقتول

قال (عليه السلام): (لا واحد منهما، بل أبوهم شيث بن آدم).

قال: لِمَ سُمِّيَ آدمُ آدم؟

فقال (عليه السلام): (لأنَّه رُفعت طينته من أديم الأرض السفلى).

قال: وَلِمَ سُمِّيَت حوَّاءُ حوَّاءاً؟

فقال (عليه السلام): (لأنَّها خُلقت من ضلع حيٍّ) يعني ضلع آدم.

قال: فَلِمَ سُمِّي إبليس إبليساً؟

قال (عليه السلام): (لأنَّه أَبلَسَ- آَيَسَ - من رحمة الله فلا يرجوها).

قال: فَلِمَ سُمِّي الجِنُّ جِنّاً؟

قال (عليه السلام): (لأنَّهم استَجَنَّوا فلم يروا).

قال: فَأخبرني عن أولِ كذبة كُذِبَتْ، ومن صاحبها؟

فقال (عليه السلام): (إبليس، حين قال: أنا خير منه، خلقتني من نار وخلقته من طين ).

قال: فأخبرني عن رسولٍ بعثه اللهُ تعالى ليس من الجنِّ، ولا من الإنس، ولا من الملائكة، ذكره الله تعالى في كتابه.

فقال (عليه السلام): (الغراب، حين بعثه الله عزَّ وجلَّ لِيُرِي قابيلَ كيف يواري سَوْأةَ أخيه هابيل حين قتله).

قال: فأخبرني عن شيء يزيد وينقص، وعن شيء يزيد ولا ينقص، وعن شيء ينقص ولا يزيد؟

فقال (عليه السلام): (أمَّا الشيء الذي يزيد وينقص فهو ( القَمَرُ )، والشيء الذي يزيد ولا ينقص فهو (البَحْرُ)، والشيء الذي ينقص ولا يزيد فهو ( العُمْرُ)).

قال: فأخبرني عن قوم شَهَدوا شهادة الحقِّ وكانوا كاذبين؟

قال (عليه السلام): (المنافقون حين قالوا لرسول الله (صلى الله عليه وآله): نشهد أنَّك لَرَسُول الله، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: (إِذَا جَاءَكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولهُ وَاللهُ يَشهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ)[1]).

قال: فأخبرني عن طائرٍ طارَ مرَّة، ولم يَطِر قبلها ولا بعدها؟، ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن، ما هو؟

فقال (عليه السلام): (طور سيناء، أطارَهُ اللهُ عزَّ وجلَّ على بني إسرائيل حين أظلَّهم بجناح منه، فيه ألوان العذاب، حتى قبلوا التوراة، وذلك قوله عزَّ وجلَّ: (وَإِذَ نَتَقنَا الجَبَلَ فَوقَهُم كَأَنَّهُ ظلَّة وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِم))[2].

قال: فأخبرني عمَّن أنذر قومه، ليس من الجنِّ ولا من الإنس ولا من الملائكة، ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه؟

قال (عليه السلام): (النَّملة حين قالت: (يَا أَيُّهَا النَّمل ادخُلُوا مَسَاكِنَكُم لا يَحْطِمَنَّكُم سُلَيمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُم لا يَشعُرُونَ))[3].

قال: فأخبرني عمَّن كُذِب عليه، ليس من الجنِّ ولا من الإنس ولا من الملائكة، ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه؟

قال (عليه السلام): (الذئبُ الذي كذبَ عليه أخوة يوسف).

قال: فأخبرني عن شيءٍ قليلُه حَلالٌ وكثيرُه حرامٌ، ذكره الله عزَّ وجلَّ في كتابه؟

قال (عليه السلام): (نهر طالوت، قال الله عزَّ وجلَّ: (إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غرْفَةً بِيَدِهِ))[4].

قال: فأخبرني عن صلاة مفروضة، تُصَلَّى بغير وضوءٍ، وعن صومٍ لا يحجز عن أكلٍ ولا شربٍ؟

قال (عليه السلام): (أمّا الصلاة بغير وضوء فالصلاة على النبي وآله (صلى الله عليه وآله)،
وأما الصوم فقول الله عزَّ وجلَّ: (إِنِّي نَذَرتُ لِلرَّحمَنِ صَوماً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَومَ إِنسِياً) [5])[6].

 


[1] سورة المنافقون:آية 1.

[2] سورة الأعراف:آية 171.

[3] سورة النحل:آية 18.

[4] سورة البقرة:آية 249.

[5] سورة مريم:آية 26.

[6] الإحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص64.