مساوئ العقوق

للعقوق مساوئ خطيرة، وآثار سيئة تنذر العاق وتتوعده بالشقاء الدنيوي والأخروي.

1- فمن آثاره أن العاقّ يعقّه ابنه جزاءاً وفاقاً على عقوقه لوالديه، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (من برَّ والديه برَّه ولده)[1].

وقال أبو عبد الله (عليه السلام): (بروا آبائكم يبركم أبناؤكم وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم)[2]، وقد شهد الناس صوراً وأدواراً من هذه المكافأة على مسرح الحياة.

2- ومن آثار العقوق: أنه موجب لشقاء العاق، وعدم ارتياحه في الحياة، لسخط الوالدين ودعائهما عليه، وقد جاء في الحديث النبوي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إياكم ودعوة الوالد، فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله تعالى إليها، فيقول: ارفعوها إليّ حتى أستجيب له، فإياكم ودعوة الوالد، فإنها أحدّ من السيف)[3].

قال الإمام الصادق(عليه السلام): ثلاث دعوات لايحجبن عن الله تعالى: دعاء الوالد لولده إذا بره، ودعوته عليه إذا عقه ، ودعاء المظلوم على ظالمه ، ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لأخ له مؤمن واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه واضطرار أخيه إليه[4].

3- ومن آثار العقوق: أن العاق يشاهد أهوالاً مريعة عند الوفاة، ويعاني شدائد النزع وسكرات الموت.

عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (بر الوالدين وصلة الرحم يهونان الحساب ثم تلى:

(وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَنْ يُوصَلَ))[5]، فواصل الرحم أو البار بوالديه يهون عليه الحساب، أما العاق وقاطع الرحم فيبقى الحساب بالنسبة إليه على حاله من الأهوال والشدائد.

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): (البارُّ يطير مع الكرام البررة وان مَلَك الموت يبتسم في وجه البار ويَكْلَحُ[6] في وجه العاق)[7].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من أحب أن يخفف الله عز وجل عنه سكرات الموت، فليكن لقرابته وصولاً، وبوالديه باراً، فإذا كان كذلك هوّن الله عليه سكرات الموت، ولم يصبه في حياته فقر أبداً)[8].

4- ومن آثار العقوق: أنه من الذنوب الكبائر التي توعد الله عليها بالنار، كما صرحت بذلك الأخبار.

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (عقوق الوالدين من الكبائر، لأن الله عز وجل جعل العاق عصيا شقيا)[9].

5- العاق عمله غير مقبول عند الله تعالى فقد روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (ليعمل العاق ما شاء أن يعمل فلن يدخل الجنة)[10].

وروي أن موسى (عليه السلام) قال: يا رب، أين صديقي فلان الشهيد؟ قال: في النار، قال: أليس وعدتَ الشهداء الجنة؟ قال: بلى، ولكن كان مصرا على عقوق الوالدين، وأنا لا أقبل من العَقوق[11] عملا)[12].

وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (من نظر إلى أبويه نظر ماقت وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة)[13]، هذا حاله إذا كانا ظالمين، فكيف إذا لم كانا بارين له؟

والجدير بالذكر، أنه كما يجب على الأبناء طاعة آبائهم وبرهم والإحسان إليهم، كذلك يجدر بالآباء أن يسوسوا أبناءهم بالحكمة، ولطف المداراة، ولا يخرقوا بهم ويضطروهم إلى العقوق والعصيان.

وعنه (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) - في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)- قال: (يا علي، لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما، يا علي، يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما، يا علي، رحم الله والدين حملا ولدهما على برهما)[14].

 


[1] مستدرك الوسائل: ج15، ص178.

[2] الكافي: ج5، ص554.

[3] مستدرك الوسائل: ج5، ص256.

[4] الأمالي: ص280.

[5] مشكاة الأنوار: ص165.

[6] الكلوح: العبوس: وهو الذي قصرت شفتاه عن أسنانه كما تقلص رؤوس الغنم إذا شيطت بالنار.

[7] الكافي: ج15، ص176.

[8] أمالي الصدوق: ص234.

[9] علل الشرائع: ج2، ص479.

[10] مستدرك الوسائل: ج15، ص193.

[11] العَقوق: على وزن فعول بمعنى المبالغ في العُقوق.

[12] المصدر السابق.

[13] الكافي: ج2، ص260.

[14]الفقيه: ج4، ص269.