وفق فتاوى آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)
السؤال: ما هو تعریفکم للکذب؟
الجواب: يحرم الكذب وهو: الإخبار بما ليس بواقع، ولا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجدّ وما يكون في مقام الهزل ما لم ينصب قرينة حالية أو مقالية على كونه في مقام الهزل وإلا ففي حرمته إشكال.
ولو تكلم بصورة الخبر - هزلاً - بلا قصد الحكاية والإخبار فلا بأس به ومثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى من معانيه مما له واقع، ولكنه خلاف الظاهر، كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذباً حينئذ، ويجوز الكذب أيضا للإصلاح بين المؤمنين، والأحوط وجوباً الاقتصار فيهما على صورة عدم تيسّر التورية، واما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالاحوط الاجتناب عنه مهما أمكن ولو بتعليق الوعد على مشيئة الله تعالى أو نحوها، واما لو كان حال الوعد بانياً على الخلف فالظاهر حرمته، بلا فرق في ذلك بين الوعد مع الأهل وغيرها على الاحوط.
السؤال: اذكروا لنا بعض ما ورد في حرمة الكذب؟
الجواب: قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المجيد: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)[1]، وقال تعالى: (فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)[2].
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك مصدِّق، وأنت له به كاذب)[3].
وعنه (صلى الله عليه وآله): (الكذب ينقص الرّزق)[4].
وعن الإمام علي (عليه السلام): (لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يترك الكذب هزله وجده)[5].
وعن الإمام السجاد (عليه السلام): (اتّقوا الكذب الصغير منه والكبير، في كلّ جدٍّ وهزل، فاِنّ الرّجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير)[6].
وعن الإمام العسكري (عليه السلام): (جعلت الخبائث كلّها في بيت وجعل مفتاحها الكذب)[7].
السؤال: ما هي التورية ؟ وما هي الحالات التي يمكن العمل فيها بالتورية؟
الجواب: التورية - أي ستر المعنى على المخاطب بفرض التحرز من الكذب -جائزة في حدّ ذاتها وإنما تحرم بانطباق بعض العناوين الثانوية عليها كالغش في المعاملة ونحوها.
السؤال: قامت وزارة الزراعة بتوزیع سلف للفلاحین للمشاریع الزراعیة كشراء مكائن ومعدات أو إنشاء بحیرة أو حقل أو زراعة المحاصیل الحقلیة... إلخ. فهل یجوز لي استلام هذه السلفة بأن أقول: إنني أريد هذه السلفة لأجل المشروع الزراعي الفلاني (المشاریع المذكورة سابقا) ولكني في الحقیقة استخدمها لأجل بناء داري، مع العلم أنني لا أستطيع البناء من دون هذه السلفة؟
الجواب: لا یجوز الكذب لما ذكر، كما لا ترخیص في صرف المال في غیر المصرف المشروط علی الآخذ من قبل الجهة المقرضة التي تعمل علی وفق التعلیمات والضوابط القانونیة.
السؤال: هل الكذب جائز في حال ما لو أريد به إنقاذ روح أو كيان أسرة من التفكك؟ علماً أنه مشدد بقسم؟
الجواب: نعم جائز والأحوط التورية مع الإمكان.
السؤال: إذا قال لي أحد: قل للذي يطلبني على الهاتف أني غير موجود، فهل هذا من الكذب الحرام؟ فإن كان حراما فما هو التكليف؟
الجواب: نعم هو من الكذب الحرام، ويجوز لك التخلص منه بالتورية بأن تشير إلى نقطة وتقول أنّه غير موجود هنا.
السؤال: هل يجوز للمسلم أن يعطي معلومات غير صحيحة للدوائر الحكومية في أوروبا للحصول على مزايا وتسهيلات مالية أو معنوية، وبالطريقة القانونية لديهم؟
الجواب: لا يجوز ذلك، فإنه من الكذب، وما ذكر ليس من مسوغاته.
السؤال: هل يجوز الكذب للمصلحة العامة؟ أو لإصلاح ذات البين... أو لدفع ضرر قد يترتب إذا قلت الحقيقة ؟
الجواب: يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن بل يجوز الحلف كاذباً و يجوز الكذب أيضا ً للإصلاح بين المؤمنين والأحوط وجوباً الاقتصار فيها على صورة عدم تيٌسر التورية.
السؤال: هل يجوز الكذب من باب المزاح عموماً؟
الجواب: لا يجوز الكذب مطلقاً إلا لدفع ضرر.
السؤال: هل یجوز الكذب لكي لا أدفع الضرائب لدولة أجنبية؟
الجواب: لا یجوز.
السؤال: نجد أحيانا على علبة السمك اسم السمكة أو صورتها، فنعرف من خلال العلبة أن السمكة هذه ذات فلس، فهل يحق لنا الاعتماد على الاسم أو الصورة في تحديد النوعية، مع علمنا بأن الكذب في أمور كهذه يعرِّض الشركة لخسارة كبيرة، وربما لما هو أشد من ذلك؟
الجواب: إذا حصل الإطمئنان بصدقها، جاز العمل وفقه.
السؤال: یوجد عندي محل لبیع الأدوات الكهربائیة وشرائها، أشتري مثلاً تلفزیوناً بمئة دینار وعندما یأتي شخص لشرائه ویقول اشتریه منك بمئة دینار اضطر أن أقول له اشتریته أنا بمئة وخمسین دینار لرفع سعره فأبيعه فوق هذا السعر، هل هو حرام؟
الجواب: لا یجوز الكذب إلا بمسوغ شرعي كضرورة دینیة أو دنیویة كإنجاء نفس محترمة، وما ذكر في السؤال لیست من الضرورة ولا مسوغ له فهو حرام وصاحبه مأثوم ولكن البیع المذكور صحیح غیر أن للمشتري حق الفسخ إذا ظهر له الكذب.
السؤال: مسلم في الغرب يدعي أنه كان يقود سيارة في بلده منذ سنوات، ويعزز قوله بكتاب من جهة ما، ليرفع درجته في التأمين، فيستفيد، فهل يجوز له مخالفة الواقع في قوله هذا، ولو بالتورية؟ وهل تجوز مساعدته على ذلك؟
الجواب: لا يسوغ الكذب للغرض المذكور، كما لا يجوز أخذ المال بهذا الوجه، والمساعدة في ذلك إعانة على الإثم.
السؤال: أحياناً أكون في مواضع لا أريد قول الحقیقة لأمر خاص بي، فالجأ إلی التوریة، هل یسوغ لي ذلك؟
الجواب: یجوز.