أولاً: الحياة العلمية والثقافية:
لقد أثرت الحياة السياسية وما سادها من قلق واضطرابات على الحياة العلمية تأثيراً سلبياً واضحاً، ظهرت معالمه بكثير من الجمود والخمول في عصر الإمام الباقر (عليه السلام).
فالتيارات السياسية غيرت ثقافة الناس، فتهالكت من خلالها البيوتات الرفيعة على الظفر بالحكم، والطاقات البشرية والمالية استهلكت جميعها في حروب طاحنة ومذهلة.
والنكبات الفظيعة التي مُنِيت فيها الأمّة، وجرت عليها أفدح الخسائر المادية والبشرية.
كل ذلك أثَّر على الحركة العلمية، وجعلها تتردَّى ضموراً وانحلالاً.
أما الحياة الثقافية في عصر الإمام الباقر (عليه السلام) فقد مَرَّت بحالة من الجمود، وكانت ضحلة للغاية، لأنَّ معظم الناس من حُكَّام ومحكومين ابتعدوا عن الأخلاق النبيلة، والمثل العليا التي جاء بها الإسلام، وعادوا إلى جاهليتهم الأولى من عصبية قبلية، وتفاخر بالآباء والأنساب.
وكان الطابع العام للأدب في ذلك العصر هو التفاخر والتنابز، ولم يكن يمثل وعياً فكرياً، بل كُلّه شَرٌّ وضرر للناس جميعاً.
ثانياً: الحياة السياسية:
أصبحت الحياة السياسية بسبب التنازع الداخلي، والعصبية القبلية المدمرة في ذلك العصر وضيعة وبشعة للغاية، فالفتن والاضطرابات عَمَّت بين الناس في البلاد، وبدأت أحداث رهيبة ومفجعة أدَّتْ إلى فقدان الأمن، وانتشار الخوف، ثم تطوَّرَت هذه الأحداث، فقامت ثورات دامية ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء، وهذا بلا ريب نتيجة السياسة الأموية الخاطئة، التي كان كل هَمِّها تحقيق أهدافها الخاصة، ومآربها الشخصية، بعيداً عن مصالح شعوبها العامة.
ونتج عن ذلك وجود أحزاب سياسية كل منها كان يسعى لتحقيق غاياته، ونشر مبادئه، التي تتعارض مع الأحزاب الأخرى.