الكذب في الدعاء والمناجاة
الكذب في الدعاء والمناجاة كثير، وكمثل على ذلك نذكر الموارد التالية:
- من يقول في دعائه (رضيت بالله رباً) بمعنى أنني راض ومأنوس بربوبيته تعالى، وأنا راض بما فعله وما يفعله بي، وعلى هذا فمن ليس لديه تسليم حقيقي بالقضاء والقدر، ويمتلئ قلبه غيظاً، ويدلع لسانه شكاية حين يقع أمر على خلاف رغبته، مثل هذا الإنسان كذبه ظاهر حين يقول (رضيت بالله رباً).
- وهكذا في قول (وبمحمد نبياً وبالقرآن كتاباً وبعلي إماماً) ومعناه أنني راض بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله)، وبإمامة علي (عليه السلام)، وبأن القرآن كتابي ودستور عملي، في حين أنه اتخذ من النفس والهوى والشيطان إماماً وقائداً له في العمل، دون أن يعتني بأحكام القرآن، ولا يعمل بها، فهل مثله يكون صادقاً؟
- ومن يقول (إذا رأيتُ مولاي ذنوبي فزعت، وإذا رأيتُ كرمك طمعت) في حين أنه لا يفكر بذنبه أصلاً، أو لا يخاف إذا تذكره أحياناً ولا يتغير حاله، وهكذا ليس له رجاء بالكرم الإلهي، مثل هذا الإنسان ظاهر الكذب.
- أو حين يقول: (أبكي لخروج نفسي) والحال أنه ليس لديه حالة البكاء، فإن كذبه واضح.
ولعله إشارة إلى هذا القسم من الأكاذيب في الصلاة والدعاء والمناجاة يقول الإمام السجاد (عليه السلام) في دعاء أبي حمزة: (أو لعلك وجدتني في مقام الكاذبين فرفضتني).
ومع ذلك ينبغي أن يعلم أن الله تعالى في كتابه العزيز عندما أمر العبد أن يقول في صلاته كل يوم عشر صلوات إياك نعبد وإيك نستعين، أراد تربية على ذلك فلا بد للإنسان أن يلتفت إلى نفسه فمن كان لا يقول إلا ما يفعل - كما هو وصف المؤمن - ينبغي أن يربي نفسه على ذلك وان يلاحظ نفسه بعد كل صلاة كيف يكون تصرفه ونفس الكلام ينطبق على أدعية المعصومين المتقدمة فإنها تربية للإنسان لكي يكون بهذه المثابة.
فهنا نريد إلفات النظر إلى أن ما ذكر لا يكون داعياً إلى عزوف الإنسان عن قراءتها وتركها والقنوط واليأس بل تكون داعياً إلى إصلاح النفس ومجاهدتها وتربيتها لتصل إلى مستوى الصدق في العمل المطابق للقول.