المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أمر بالصدق ونهى عن الكذب في كل وقت وحين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الملقب بالصادق الأمين وعلى آله الطيبين الطاهرين.

اقتضت ضرورة العقول مطابقة لمقتض الفطرة أن الكذب من قبائح الصفات ورذائلها فهو يأتي بالخراب على النفوس ويجعل الديار بلاقع؛ لذا أرشدت الأدلة الأربعة: القرآن، والسنة، والإجماع، والعقل، إلى مبغوضيته وحرمته.

فلو استعرضنا القرآن الكريم والروايات الشريفة التي تتكلم عنه وكيف أنها تصفه بأبشع الأوصاف، وتشدد على تركه معلنة أن النار مثوى لفاعله، علمنا أنه من الذنوب الكبيرة، بل أن بعض النصوص تصرح بعدّه من أكبر الكبائر، فقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقول الزور)[1].

وروي عن الإمام العسكري (عليه السلام): (جعلت الخبائث كلها في بيت واحد وجعل مفتاحها الكذب)[2].

ولا فرق في حرمة الكذب بين أن يكذب بلسانه أو بقلمه أو بالإشارة، وأيضا لا فرق بين أن يبتدئ هو بالكذب ويخترعه، أو يكون مسبوقا به وهو ناقل له بلا تبيّن، كما سيأتي تفصيل ذلك كله.

أمّا ما ورد على لسان القران الكريم وبقية مصادر التشريع عن حرمته وصفات فاعليه وشدة العقوبة المناسبة لراكبه، فبيانه كالتالي:

 


[1] المحجة البيضاء: ج5، ص242.

[2] المستدرك: كتاب الحج، باب 120.