وفق فتاوى سماحة آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)
السؤال: ما هي الغيبة وما آثارها؟
الجواب: الغيبة وهي «أن يُذكَر المؤمن بعيب في غَيبته، سواء أكان بقصد الانتقاص أم لم يكن، وسواء أكان العيب في بدنه، أم في نسبه،أم في خلقه،أم في فعله،أم في قوله، أمِ في دينه، أم في دنياه،أم في غير ذلك، مما يكون عيباً مستوراً عن الناس، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب.
وقد ذمّها الله عزَّ وجل في كتابه الكريم وصوّرها في صورة تقشعر منها النفوس والأبدان، فقال جل وعلا: (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ )[1].
وقال (صلى الله عليه وآله): (إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا، فإن الرجل قد يزني فيتوب إلى الله، فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة لا يُغفَر له حتى يَغفِر له صاحبه)[2].
ولا يحسن بالمؤمن أن يستمع إلى غيبة أخيه المؤمن، بل قد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه: يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ويرد عنه، وأنه إذا لم يرد، خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب.
السؤال: إذا سمع الغیبة ولم یستطع نصر المستغاب فهل یجب علیه ترك المكان أم یبقی ویلتزم الصمت؟
الجواب: لا تجب علیه مغادرة المكان إذا لم یستطع ردع القائل، ولكن إذا أمكنه إبداء الانزجار والتذمر من قوله لزمه ذلك علی الأحوط وجوباً وإن علم أنه یؤدي إلى ردعه عنه.
السؤال: ما هي نصيحتكم لمن يرتكب النميمة ؟
الجواب: حين يرد ذكر الغيبة يرد في ذهن المؤمن عادة مصطلح شرعي اَخر حرمه الإسلام كذلك، وشدّد بالنكير على فاعليه صيانة للمجتمع من التفكك وهو (النميمة)، كأن يقال لشخص ما: فلان تكلم فيك بكذا وكذا، مكدِّراً صفو العلاقات بين المؤمنين أو معمِّقاً درجة الكدر بينهم، وقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله: (ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة)[3]. وقال الإمام الباقر (عليه السلام): (محرمة الجنة على المقتاتين المشائين بالنميمة)[4]. وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (لا يدخل الجنة سفاك للدماء، ولا مدمن للخمر،ولا مشاء بنميم)[5].
السؤال: ما هو تعریف الغیبة المحرمة، وهل یكون من مصادیقها في الحالات التالية:
1ـ الكلام الموجب للإهانة والانتقاص من الشخص المعني بالكلام، مع عدم احتمال تأثر المستمع به وترتیب الأثر علیه؟
2ـ الكلام الذي لا یوجب الإهانة والانتقاص من حیث مضمونه، ولكن المستمع حمله علی محمل سوء مع ترتیب الأثر علیه، كقول المتكلم: إن فلاناً من الناس رأیته في المقهی، فأوجب ذلك إهانة له عند المستمع وذلك لوضع فلان الاجتماعي؟
3ـ إذا كان الموضوع مدار الكلام معلوماً لدی الطرفین المتكلم والمستمع، فهل الكلام في تفاصیل أخرى في نفس الموضوع من المتكلم إلی المستمع الذي یجهل هذه التفاصیل یكون موضعاً للغیبة أيضاً؟
الجواب: الغیبة هو أن یُذكَر المؤمن بعیب في غیبته مما یكون مستوراً عن الناس سواء أكان بقصد الانتقاص منه أم لا.
1ـ إذا كان الكلام مشتملاً علی ذكر عیب للمؤمن كان غیبة وإن لم یؤثر في المستمع.
2ـ إذا كان الكلام غیر مشتمل علی ذكر ما یعیب للمؤمن ولو بالنظر إلی موقعه الاجتماعي لم یكن غیبة، وإن حمله المستمع علی ذلك.
3ـ إذا كانت التفاصیل تشتمل علی كشف عیب زائد كانت غیبة.
السؤال: هل صحيح القول: لا غيبة على الفاسق؟
الجواب: غير صحيح نعم لا غيبة للمتجاهر بالفسق في نفس ما يتجاهر به.
السؤال: إذا استمع شخص للغيبة وشك في أن المغتاب (المفعول) متجاهر بفسقه أم لا، أو أن للمغتاب (الفاعل) مسوغا آخر للغيبة فهل يسقط وجوب الرد ؟
الجواب: وجوب الرد على المغتاب غير ثابت بعنوانه، ووجوب نهيه عن الغيبة لا يثبت إلا مع إحراز صدورها منه على الوجه المحرّم.
السؤال: غالبا ما ینتقد بعض الأشخاص أشخاصا آخرين في غیابهم لیس بنیة النیل منهم ولكن بهدف الإصلاح هل یعتبر هكذا نقد غیبة ویؤثم الفرد علیها؟
الجواب: لا یجوز إذا ذكر منه عیبا مستورا كما لا یجوز الانتقاص إلا إذا ترتب علی ذلك مصلحة أهم.
السؤال: هل تجوز غیبة تارك الصلاة أو الصوم أو أحد فروع الدین أو الواجبات الأخری في غیر موارد عصیانه؟
الجواب: إن لم یكن متجاهراً في ذلك فلا یجوز، والسؤال: هل یجوز غیبة الكفار؟
الجواب: ینبغي التنزّه عن ذلك.
السؤال: هل یجوز لعن شارب الخمر المتجاهر بالفسق؟
الجواب: یجوز لعن شارب الخمر لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لعنه مع عدة آخرين.
السؤال: اغتاب شخصٌ شخصاً أخر فهل یجب أن یعتذر منه شخصیاً أو یستغفر عن ذنبه ؟
الجواب: یكفي الاستغفار والتوبة.
السؤال: ما المقصود بالظالم الذي تجوز غیبته (فقد یكون الظلم شخصیاً أو نوعیاً) وعلی كلا رأیي الجواز مطلقاً أو بقصد الانتصار، وهل تجوز غیبته بقصد بث الشكوی لا بقصد الانتصار؟
الجواب: یجوز للمظلوم أن یغتاب الظالم بقصد الانتصار سواء أكان ظلمه مختصاً به أم مما یعمه وغیره، والأحوط وجوباً ترك اغتیابه بقصد بث الشکوی من دون أن یكون للانتصار.