من قصص الغيبة

1- أكل لحوم الناس بالغيبة:

ذكر الشيخ الطبرسي في سبب نزول الآية:( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) قال: نزلت في رجلين من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، اغتابا رفيقهما وهو سلمان، بعثاه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليأتي لهما بطعام، فبعثه إلى أسامة بن زيد، وكان خازن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على رحله، فقال: ما عندي شيء، فعاد إليهما، فقالا: بخل أسامة، وقالا لسلمان: لو بعثناه إلى بئرٍ سميحةٍ لغار ماؤها، ثم انطلقا يتجسسان هل عند أسامة ما أمر لهما به رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ وفي كتاب الجوامع: ثم انطلقا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لهما: «ما لي أرى خضرة اللحم في أفواهكما؟» فقالا: يا رسول الله، ما تناولنا في يومنا هذا لحما، قال:»ظللتم تأكلون لحم سلمان وأسامة»)[1].

 

2- الغيبة تأكل الحسنات:

هناك أم وبناتها صائمات قائمات الليل يتصدقن ويقمن بكل أعمال الخير وقد امتنعن عن الخروج من منزلهن خوفا من أن يقعن في الذنوب، فرأت الأم في المنام أنها تزرع زرعا ويطول ولكن تأتي غزالة وتحصده، وتكرر عليها الحلم إلى أن اتصلت إحدى بناتها بأحد المعبرين وأخبرته بالرؤيا فقال لها: إنكم تعملون ذنبا، فقالت البنت: نحن ملتزمات نصوم النهار ونقوم الليل ونتصدق وكل شيء فيه خير نعمله، ولكن زوجة أخي تسكن فوقنا وتأتي لنا بالغداء، وعندما تذهب إلى أهلها يوم الأربعاء، نتكلم بطعامها ونقول مثلا مالح أو باهت، فقال المعبّر: نعم هذا هو ذنبكم حيث الزرع أعمالكم الصالحة وغيبتكم لزوجة أخيكم هي التي تحصد أعمالكم الصالحة ولن تنالوا من أعمالكم أجرا.

فسبحان الله، فالواحد منّا يُتعب حاله ويقوم الليل ويصوم النهار وينفق مما يحب من ماله ويسافر لأداء الحج والعمرة والزيارة ويعمل الصالحات، ولكن مع الأسف كلها تذهب هباءً منثوراً؛ بسبب اغتياب الناس وتتحول كل الحسنات وأعمال الخير لهم بكل سهولة ويسر.

 

3- المغتاب لا صوم له:

وهناك قصة لفتاتين كانتا صائمتين واستغابتا الناس فقد روي: (أن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر الناس بصوم يوم، وقال: لا يفطرنَّ أحدٌ حتى آذن له، فصام الناس حتى إذا أمسوا، جعل الرجل يجيء،: فيقول: يا رسول الله، ظللت صائما فأذن لي لأفطر، فيأذن له، وهكذا تأتي الرجال، حتى جاء رجل، فقال: يا رسول الله، فتاتان من أهلي ظلّتا صائمتين وإنهما تستحيان أن تأتياك فأذنْ لهما لتفطرا، فأعرض عنه، ثم عاوده، فقال: إنهما لم تصوما وكيف يصوم من ظل هذا اليوم يأكل لحوم الناس، اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن تستقيئا، فرجع إليهما فأخبرهما فاستقاءتا، فقاءت كل واحدة منهما علقة من دم، فرجع إلى النبي(صلى الله عليه وآله) فأخبره فقال: والذي نفس محمد بيده لو بيقتا في بطنيهما لأكلتهما النار[2]).

وفي رواية أنه لما أعرض عنه جاءه بعد ذلك وقال: يا رسول الله إنهما والله لقد ماتتا أو كادتا أن تموتا فقال (صلى الله عليه وآله) ايتوني بهما فجاءتا ودعا بعس[3] أو قدح فقال لإحداهما قيئي فقاءت من قيح ودم صديد حتى ملأت القدح وقال (صلى الله عليه وآله) للأخرى قيئي فقاءت كذلك فقال(صلى الله عليه وآله) إن هاتين صامتا عما أحل الله لهما وأفطرتا عما حرم الله عليهما، جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا تأكلان لحوم الناس.[4]

 

 4- لحم الخنزير:

وهناك قصة أخرى: رواها الربعي، قال: كنت في المسجد الجامع فتناولوا رجلاً فنهيتهم عن ذلك فكفوا وأخذوا في غيره، ثم عاودوا إليه فدخلت معهم في شيء من أمره فرأيت تلك الليلة في المنام كأني أتاني رجل أسود طويل ومعه طبق عليه قطعة من لحم خنزير فقال لي: كُلْ فقلت: آكل لحم خنزير؟ والله لا آكله، فانتهرني انتهاراً شديداً وقال: أكلت ما هو شر منه، فجعل يدسه في فمي حتى استيقظت من منامي، فوالله ما أكلت طعاماً إلا وجدت فيه طعم ذلك اللحم ونتنه في فمي.[5]

 


[1] مجمع البيان: ج9، ص135.

[2] جامع السعادات: ج2، ص301.

[3] العس: القدح الكبير.

[4] كشف الريبة عن أحكام الغيبة، الشهيد الثاني: ص9.

[5] تنبيه الغافلين: ص61.