وكما أن الغيبة حرام فكذلك الاستماع إليها فهو حرام باتفاق جميع الفقهاء، فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (السامع للغيبة أحد المغتابين)[1].
وقال (صلى الله عليه وآله): (ما عمر مجلس بالغيبة إلا خرب من الدين، فنزهوا أسماعكم من استماع الغيبة، فإن القائل والمستمع لها شريكان في الإثم)[2].
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): (الغيبة كفر والمستمع لها والراضي بها مشرك)[3].
وبعد مراجعة الروايات في شأن المؤمن وأن حرمته أعظم من حرمة الكعبة، وأن هتك حرمته على حد سفك دمه، وكشف أسراره موجب للعذاب الأليم، يتضح لماذا يكون الشخص السامع هو الطرف في الغيبة، وفي هتك المؤمن، ذلك أنه لو لم يكن هناك سامع، أو لم يصغِ السامع، فإن الغيبة سوف لا تحدث، على هذا فيجب على كل مسلم أن لا يسمح لأحد بنقل عيب في مؤمن، بل يجب رده والانتصار لذلك المؤمن، والحاصل: أن المستمع لا يخرج عن إثم الغيبة إلا بأن يُنكر بلسانه أو يقطع الكلام بكلام آخر، أو يقوم من المجلس، وإن لم يقدر على شيء من ذلك، فليُنكر بقلبه، وإن قال بلسانه: اسكت، وهو يشتهيه بقلبه فذلك نفاق، ولا يخرجه من الإثم ما لم يكرهه بقلبه، ولا يكفي أن يشير باليد أو حاجبه أو جبينه، أي اسكت، إذ ذلك استحقار للمذكور، مع إنه ينبغي أن يعظمه فيذب عنه صريحا.
عن أبي ذر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في وصيته له قال: (يا أبا ذر من ذب عن أخيه المؤمن الغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار، يا أبا ذر من اغتيب عنده أخوه المؤمن وهو يستطيع نصره فنصره، نصره الله عز وجل في الدنيا والآخرة، وإن خذله وهو يستطيع نصره خذله الله في الدنيا والآخرة)[4].
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من رد عن عرض أخيه المسلم، وجبت له الجنة البتة)[5].
وعن النبي (صلى الله عليه وآله)، أنه قال: (من سَمِع الغيبة ولم يُغيّر كان كمن اغتاب، ومن رد عن عرض أخيه المؤمن، كان له سبعون ألف حجاب من النار)[6].
وعن أبي جعفر(عليه السلام) قال: (من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله وأعانه في الدنيا والآخرة، ومن لم ينصره ولم يعنه ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه إلا خفضه الله في الدنيا والآخرة)[7].
وقال (صلى الله عليه وآله): (من حمى عرض أخيه المسلم في الدنيا بعث الله له ملكا يحميه يوم القيامة من النار)[8].
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال في خطبة له: (ومن رد عن أخيه غيبة سمعها في مجلس رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة، فإن لم يرد عنه وأعجبه كان عليه كوزر من اغتاب)[9].
وجاء في رواية المناهي عن النبي (صلى الله عليه وآله)أنه قال: (ألا ومن تَطَوّل على أخيه في غيبة سمعها فيه من مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة)[10].
يقول الشيخ الأنصاري بعد نقل هذا الحديث (ولعل وجه زيادة عقابه أنه إذا لم يردّه تجرأ المغتاب على الغيبة فيصر على هذه الغيبة وغيرها.
والظاهر أن الرد غير النهي عن الغيبة والمراد به الانتصار للغائب بما يناسب تلك الغيبة فإن كان عيبا دنيويا انتصر له بأن يقول: العيب ليس إلا ما عاب الله به من المعاصي التي أكبرها ذكر أخيك بما لم يعبه الله به، وإن كان عيبا دينيا وجهه بمحامل تخرجه عن المعصية فإن لم يقبل التوجه انتصر له بأن المؤمن قد يبتلى بالمعصية فينبغي أن تستغفر له لا أن تعير عليه، وإن تعييرك إياه لعله أعظم عند الله من معصيته ونحو ذلك.