ما هو الغناء

الغِناء - بالكسر والمد – لغة، هو: الصوت المطرب[1]، سواء أكان مصحوبا بآلات الموسيقى أم غير مصحوب.

قال ابن الأثير: وكل مَنْ رفع صوته ووالاه، فصوته عند العرب غناء[2].

والموالاة في الصوت: ترجيعه، وهو تقارب ضروب حركات الصوت والنفس، فيلزم بذلك الإطراب والتطريب[3].

وأما الطرب فهو: خفة تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور[4]

وأما عند الفقهاء، فالغناء هو الكلام اللهوي - شعرا كان أو نثرا- الذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند أهل اللهو واللعب، وفي مقومية الترجيع والمد له إشكال، والعبرة بالصدق العرفي، ولا يجوز أن يقرأ بهذه الألحان القرآن المجيد والأدعية والأذكار ونحوها بل ولا ما سواها من الكلام غير اللهوي على الأحوط وجوبا.

ويفهم من هذا التعريف أمور:

1- أن المقوم للغناء أمران، هما:

المادة: وهي نفس الكلام المتغنى به، فلابد أن يكون لهويا، أي: الكلام الباطل الذي ليس فيه منفعة دنيوية أو أخروية، بل قد يكون من الكلام الفاحش أو المثير للشهوة أو غير ذلك.

الألحان: فلابد أن تكون من نوع ما يتعارف عند أهل اللهو واللعب.

فعند اجتماع هذين الأمرين يكون القدر المتيقن من الغناء الذي وردت الروايات في حرمته وذمه ... إلخ.

2- هناك فرد آخر مشكوك دخوله في الغناء المحرم، وهو ما كان فيه المقوم الثاني فقط، وهو ألحان أهل اللهو واللعب، أما المادة فقد تكون قرآنا أو دعاء أو ذكرا أو غير ذلك من الأمور الراجحة، وهذا الفرد مما اختلفت فيه أقوال الفقهاء، فقد ذهب جمع منهم السيد الخوئي (قده) إلى حرمته أيضا، وكذا غيره، وأما السيد السيستاني (مده) فقد احتاط وجوبا، فإما أن يعتبر حراما أو يرجع إلى غيره في حكمه، الأعلم فالأعلم.

3- هل يتقوم الغناء بكيفية خاصة للصوت كأن يكون حاويا للمد والترجيع أم لا؟ استشكل السيد السيستاني (مده) في تقومه به، وأرجع الأمر إلى الصدق العرفي، فما يحكم العرف بكونه غناء، وإن لم يشتمل على أيٍّ منهما فهو غناء، وما حكم عليه بعدم كونه غناء لم يكن منه، وان اشتمل على كل منهما.

وعليه فرفع الصوت أو تحسينه لقراءة القرآن والمراثي والمدائح والخطب ليس من الغناء، بل أن الشارع قد ندب إلى قراءة القرآن بصوت حَسَن جميل، فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (كان علي بن الحسين (عليه السلام) أحسن الناس صوتا بالقرآن)[5]، وفي بعضها: (كان يقرأ القرآن فربما مَرَّ به المار فصعق من حسن صوته)[6]، وفي بعضها: (ورجِّعْ بالقرآن صوتك، فإنَّ الله تعالى يحب الصوت الحَسَن يرجع به ترجيعا)[7].

وورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (زيِّنوا القران بأصواتكم)[8]، أي: زينوا أصواتكم في قراءة القران.

وأيضا ثبت في الشريعة المقدسة استحباب رفع الصوت بالأذان، ولم يتوهم أحد أنه غناء.

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما بعث الله عزّ وجل نبيا إلا حسن الصوت)[9].

ومن الواضح جدا أن حسن الصوت يُعلم بالمد والرفع والترجيع، وقد دلت السيرة القطعية المتصلة بالمعصوم (عليه السلام) على جواز رفع الصوت بقراءة المراثي، بل ورد الحث على قراءة الرثاء للأئمة وأولادهم، ودلت الروايات على مدح بعض الراثين كدعبل وغيره.

 


[1] معجم البلدان: ج4، ص215.

[2] النهاية: ج3، ص391.

[3] راجع كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري: ج1، ص249.

[4] الصحاح: ج1، ص171.

[5] الكافي: ج2، ص616.

[6] بحار الأنوار: ج25، ص164.

[7] الكافي: ج2، ص616.

[8] بحار الأنوار: ج89، ص190.

[9] الكافي: ج2، ص616.