من قصص الغضب

جرح نفوس الآخرين:

كان هـنالك ولد عصبي وكان يـفقد صوابه بشكل مستمر فأحضر له والده كيساً مملوءاً بالمسامير وقال له: يا بني أريدك أن تدق مسماراً في سياج حديقتنا كلما اجتاحتك موجة غضب وفـقـدت أعصابـك.

وهكذا بدأ الولد بتنفيذ نصيحة والده فدقّ في اليوم الأول (37) مسماراً، ولكن إدخال المسمار في السياج لم يكن سهلاً، فبدأ يحاول تمالك نفسه عند الغضب وبعـد مرور أيام كان يدق مسامير أقل، وبعـدها بأسابيع تمكن من ضبط نفسه وتوقف عن الغضب وعن دق المسامير.

فجاء إلى والده وأخبره بإنجازه، ففرح الأب بهذا التحول وقال له: ولكن عليك يا بني باستخراج مسمار لكل يوم لا تغضب فيه.

وبدأ الولد من جديد بخلع المسامير في اليوم الذي لا يغضب فيه حتى انتهى من المسامير في السياج، فجاء إلى والده وأخبره بإنجازه مرة أخرى، فأخذه والده إلى السياج وقال له: يا بني إنك صنـعت حسـناً، ولكن أنـظـر الآن إلى تلك الثقوب في السياج، هذا السياج لن يكون كما كان أبداً.

وأضاف: عندما تقول أشياء في حالة غضب فإنها تترك آثاراً مثل هذه الثقوب في نفوس الآخرين.

تستطيع أن تطعن الإنسان وتخـرج السكين، ولكن -بعد ذلك-  لا يهم كم مرة تقول (أنا آسـف) لأن الجرح سيظـل على حاله وإذا اندمل فيبقى أثر للأبد.

 

كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق:

كان جنكيز خان من القادة المعروفين بالشجاعة والقوة وكان فارساً كبيراً ومشهوراً وكان له صقر يلازم ذراعه فيخرج به ويطلقه على فريسته ليطعم منها ويعطيه ما يكفيه، صقر جنكيز خان كان مثالاً للصديق المخلص حتى وإن كان صامتاً، خرج جنكيز خان يوماً في الخلاء لوحده ولم يكن معه إلا صديقه الصقر انقطع بهم المسير وعطشوا أراد جنكيز خان أن يشرب الماء فبحث عن الماء حتى وجد ماءً ينحدر من ينبوع في الجبل إلى الأسفل، ملأ كوزه وحينما أراد شرب الماء جاء الصقر وانقض على الكوز ليسكبه! حاول مرة أخرى ولكن الصقر مع اقتراب الكوز من فم جنكيز خان يقترب ويضربه بجناحه فيطير الكوز وينسكب الماء!.

تكررت الحالة للمرة الثالثة استشاط غضباً منه جنكيز خان وأخرج سيفه وحينما اقترب الصقر ليسكب الماء ضربه ضربة واحدة فقطع رأسه ووقع الصقر صريعاً.

أحس بالألم لحظة وقوع السيف على رأس صاحبه وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه وقف للحظة وقد زال عنه غضبه فتأمل في سبب تصرف الصقر هذا، فصعد إلى منبع الماء فوجد بركةً كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها الماء وفيها حيةٌ كبيرة ميتة وقد ملأت البركة بالسم!.

أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته لكنه لم يدرك ذلك إلا بعد أن سبق السيف عذل نفسه.

أخذ صاحبه ولفه في خرقه وعاد جنكيز خان لحرسه وسلطته وفي يده الصقر وقد فارق الحياة، أمر حرسه بصنع صقر من ذهب.. تمثالاً لصديقه وينقش على جناحيه: (صديقُك يبقى صديقَك ولو فعل ما لا يعجبك).

 

متى ستنبت أصابعي؟؟:

بينما الأب ينظف سيارته الجديدة أخذ ابنه البالغ من العمر سبع سنوات مسماراً وخدش به في جانب السيارة.

قام الأب وبغضب شديد يضرب يد ابنه من دون أن يشعر بأنه كان يضربها بمقبض مطرقة!!.

انتبه الأب متأخراً لما حصل وأخذ ابنه للمستشفى وفقد الابن جميع أصابعه بسبب الكسور الكثيرة التي تعرض لها!!.

عندما رأى الطفل أباه قال له: متى ستنبت أصابعي يا أبي ؟!.

كان للسؤال وقع كالصاعقة على الأب، خرج الأب وتوجه إلى سيارته وضربها عدة مرات جلس أمام سيارته وكله ندم على ما حدث لابنه ثم نظر إلى المكان الذي خدشه ابنه فوجد أنه كتب: (أحبك يا بابا).

لم يتحمل الأب ما حصل فمات من شدة الألم.

الغضب والحب لا حدود لهما اختر الحب تنعم بحياة لطيفة، الأشياء صنعت للاستعمال، وخُلق الناس من أجل أن نحبهم، ولكن المشكلة في عالمنا اليوم هي... أننا نستعمل الأشخاص!! ونحب الأشياء.