الأحاديث الشريفة الواردة في التعرب ووجوب الهجرة

روي عن النبي (صلى الله عليه وآله): (من فَرَّ بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبراً من الأرض استوجب الجنة، وكان رفيق إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما وآلهما)[1].

وقد روي عن عكرمة أنه كان جمع من المسلمين في مكة لا يقدرون على الهجرة فلما نزلت آيات الهجرة سمعها رجل من المسلمين وهو جندع بن ضمرة وكان بمكة فقال والله ما أنا مما استثنى الله، إني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق، وكان مريضاً شديد المرض فقال لبنيه والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها، فإني أخاف أن أموت فيها، فخرجوا يحملونه على سرير حتى إذا بلغ التنعيم ظهرت عليه آثار الموت، فوضع يده اليمنى في اليسرى وقال: (اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه)، ثم مات. ولما وصل خبر وفاته إلى المدينة قال بعض الأصحاب: لو وصل إلى المدينة لنال ثواب الهجرة، فأنزل الله تعالى قوله: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى الله وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله وَكَانَ الله غَفُوراً رَحِيماً)[2])[3].

وبعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)كانت الهجرة واجبة إلى الأئمة(عليهم السلام)، من أجل التدين بدين الله، وتعلم أحكامه والتي أهمها معرفة الإمام.

 ولذا يعد من التعرب هو عدم الهجرة إلى الإمام من أجل التعرف عليه وتعلم الوظائف الدينية منه، والتعرب بعد الهجرة هو عبارة عن الإعراض عن الإمام بعد معرفته، كما روى الصدوق عن حذيفة بن المنصور عن الإمام الصادق (عليه السلام): (المتعرب بعد الهجرة، التارك لهذا الأمر بعد معرفته)[4].

وعنه (عليه السلام) أنه قال: (تفقهوا في الدين، فإنه من لم يتفقه منكم في الدين فهو أعرابي، إن الله عز وجل يقول في كتابه: (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ)[5])[6].

 وعنه (عليه السلام) أنه قال لأصحابه: (عليكم بالتفقه في دين الله ولا تكونوا أعراباً، فإنه من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملاً)[7]

وتواترت الأحاديث الناهية عن التعرب بعد الهجرة وعَدَّت هذا العمل من الكبائر.

عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قوله (الكبائر سبع: قتل المؤمن متعمدا، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وأكل مال اليتيم ظلماً، وأكل الربا بعد البينة، وكل ما أوجب الله عليه النار)[8].

وعن ابن محبوب قال: (كتب معي بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الكبائر كم هي وما هي؟ فكتب: الكبائر: من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمناً والسبع الموجبات: قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين وأكل الربا، والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنات، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف)[9].

عن أبي بصير: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (الكبائر سبعة: منها قتل النفس متعمداً والشرك بالله العظيم، وقذف المحصنة، وأكل الربا بعد البينة، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، وأكل مال اليتيم ظلماً، قال: والتعرب والشرك واحد)[10].

عن عبيد بن زرارة: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الكبائر فقال: (هن في كتاب علي (عليه السلام) سبع: الكفر بالله، وقتل النفس، عقوق الوالدين، وأكل الربا بعد البينة، وأكل مال اليتيم ظلما، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، قال: فقلت: فهذا أكبر المعاصي؟ قال: نعم)[11].

 


[1] بحار الأنوار: ج19، ص31.

[2] سورة النساء: الآية 100.

[3] تفسير الميزان: ج5، ص56.

[4] معاني الأخبار: ص265.

[5] سورة التوبة: آية122.

[6] الكافي: ج1، ص31.

[7] الكافي: ج1، ص31.

[8] المصدر السابق: ج2، ص277.

[9] المصدر السابق: ج2، ص276.

[10] الكافي: ج2، ص281.

[11] المصدر السابق: ج2، ص278.