فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

ففي وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (يا عليّ لئن يهدي الله على يديك نسمةً خيرٌ ممّا طلعت عليه الشمس)[1].

وقال(صلى الله عليه وآله): (أفضل الأعمال بعد الصلاة المفروضة، والزكاة الواجبة، وحجة الإسلام، وصوم شهر رمضان: الجهاد في سبيل الله، والدعاء إلى دين الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)[2].

ومن أجل إثبات فضيلته نرى الإمام الحسين(عليه السلام) يتوجه إلى العراق تاركاً مراسيم الحج، فيخرج في يوم التروية، ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر.

وبما أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أحد أعمدة الإسلام جعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) مساوقاً للصلاة، فقال: (أمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر صلاة)[3].

ومن الفضائل أن جعله رسول الله (صلى الله عليه وآله) صدقة، فعن
أبي ذر (رضي الله عنه) قال: إنّ أُناساً قالوا: يا رسول الله ذهب أهل الدثور ـ يعني المال الكثير ـ بالأجور، يصلّون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون بفضول  أموالهم، قال9: (أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدّقون به؟ إنّ بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميدة صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهي عن منكر صدقة)[4].

وتتجسد فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن جعله الله تعالى باباً إلى الرحمة والفلاح وجعل تركه سبباً لنزول العقاب والعذاب في دار الدنيا، وفي دار الآخرة.

ومن فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يلي:

أولاً: أنه من مهام وأعمال الرسل (عليهم السلام))، قال تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنْ اُعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ)[5].

ثانياً: أنه من صفات المؤمنين كما قال تعالى: (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ الله وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ)[6].

على عكس أهل الشر والفساد :( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا الله فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ)[7].

ثالثاً: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من خصال الصالحين، قال تعالى: (لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ الله آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ)[8].

رابعاً: من فضل هذه الأمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِالله)[9].

خامساً: أنه من أسباب النصر، قال تعالى: (وَلَيَنصُرَنَّ الله مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ وَلله عَاقِبَةُ الأُمُورِ)[10].

قال أبو عبد الله الصادق(عليه السلام): (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله فمن نصرهما أعزه الله ومن خذلهما خذله الله)[11].

سادساً: هو من الخير الكثير وفيه من الأجر عظيم لمن قام به، قال تعالى: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)[12].

قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا)[13].

سابعاً: أنه من أسباب تكفير الذنوب كما قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)[14].

ثامناً: في القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ للضرورات الخمس، وهي: الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفضائل غير ما ذكرنا.

وإذا تُرِك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعُطّلت رايته؛ ظهر الفساد في البر والبحر وترتب على تركه أمور عظيمة منها:

1- وقوع الهلاك والعذاب، قال الله عز وجل: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)[15].

وعن رسول الله(صلى الله عليه وآله): (لتأمرن بالمعروف ، ولتنهن عن المنكر، أو لَيَعُمَّنَّكم عذاب الله...)[16].

وعنه(صلى الله عليه وآله): (والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً  من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجاب لكم)[17].

وفي رواية عن زينب بنت جحش قالت: (استيقظ رسول الله9 يوماً من نومه محمرا وجهه، وهو يقول: لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد اقترب! فقلت: يا رسول الله، أنهلك، وفينا الصالحون؟ فقال: نعم إذا كثر الخبث)[18].

وعن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قال: (ويل لقوم لا يدينون الله بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر)[19].

وأوحى الله عز وجل إلى شعيب النبي(عليه السلام): (أني معذب من قومك مائة ألف أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم، فقال(عليه السلام): يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ فأوحى الله عز وجل إليه: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي)[20].

2- عدم إجابة الدعاء، وقد وردت أحاديث في ذلك منها قال محمد بن عرفة: سمعت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) يقول: (لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، أو ليستعملن عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم)[21].

3- انتفاء فضل الأمة، قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): (والله لتأمرن بالمعروف، ولتنهن عن المنكر، ولتأطرنهم على الحق أطرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض وليلعنكم كما لعنهم)[22].

4- تسلط الفساق والفجار والكفار، وتزيين المعاصي، وشيوع المنكر واستمراؤه قال أمير المؤمنين(عليه السلام): (لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم...)[23].

5- ظهور الجهل، واندثار العلم، وتخبط الأمة في ظلم حالك لا فجر لها، ويكفي عذاب الله عز وجل لمن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تسلط الأعداء والمنافقين عليه، وضعف شوكته وقلة هيبته.

 


[1] مجمع البيان في تفسير القرآن: ج3، ص75.

[2] مسند زيد: ص351.

[3] الترغيب والترهيب: ج3، ص224.

[4] الترغيب والترهيب: ج3، ص224.

[5] سورة النحل: آية 36.

[6] سورة التوبة: آية 112.

[7] سورة التوبة: آية 67.

[8] سورة آل عمران: آية 113- 114.

[9] سورة آل عمران: آية110.

[10] سورة الحج: آية 40- 41.

[11] الكافي: ج5، ص59.

[12] سورة النساء: آية 114.

[13] كنز العمال: ج15، ص780.

[14] كنز العمال: ج11، ص225.

[15] سورة الأنفال: آية 25.

[16] وسائل الشيعة: ج16، ص135.

[17] كنز العمال: ج3، ص67.

[18] شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد: ج9، ص287.

[19] وسائل الشيعة: ج16، ص117.

[20] الكافي: ج5، ص56.

[21] وسائل الشيعة: ج16، ص118.

[22] تفسير الميزان: ج6، ص83.

[23] نهج البلاغة: ج3، ص77.