أقسام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

المعروف ينقسم إلى: الواجب والندب، فالأمر بالواجب واجب، وبالمندوب مندوب وكذا النهي عن المكروه، فهو من جملة المعروف المندوب.

والمنكر: لا ينقسم، لأنه كله حرام، فالنهي عنه كله واجب.

ولا يجب النهي عن المنكر ما لم تكتمل شروط خسة:

يشترط في وجوب الأمر بالمعروف الواجب، والنهي عن المنكر أمور:

الأول: معرفة المعروف والمنكر ولو اجمالا، فلا يجبان على الجاهل بالمعروف والمنكر، ولكن قد يجب التعلم مقدمة للأمر بالأول والنهي عن الثاني.

الثاني: احتمال ائتمار المأمور بالمعروف بالأمر، وانتهاء المنهي عن المنكر بالنهي، فإذا لم يحتمل ذلك، وعلم أن الشخص الفاعل لا يبالي بالأمر أو النهي، ولا يكترث بهما لا يجب عليه شيء على المشهور، ولكن لا يترك الاحتياط بإظهار الكراهة فعلا أو قولا ولو مع عدم احتمال الارتداع به .

الثالث: أن يكون الفاعل مصرا على ترك المعروف، وارتكاب المنكر فإذا كانت أمارة على ارتداع العاصي عن عصيانه لم يجب شيء، بل لا يبعد عدم الوجوب بمجرد احتمال ذلك، فمن ترك واجباً أو فعل حراماً واحتمل كونه منصرفاً عنه أو نادماً عليه لم يجب شيء، هذا واعتبار الإصرار لعله المشهور بين الفقهاء ولكن الظاهر كفاية إحراز عزمه على ترك المعروف وفعل المنكر حدوثاً أو بقاء بحيث يكون توجيه الأمر أو النهي الشخصي إليه في محله عند العقلاء ولو لم يكن متلبساً بالمعصية فضلاً عن توقف الوجوب على الإصرار .

الرابع: أن يكون المعروف والمنكر منجزاً في حق الفاعل، فإن كان معذوراً في فعله المنكر، أو تركه المعروف، لاعتقاد أن ما فعله مباح وليس بحرام، أو أن ما تركه ليس بواجب، وكان معذوراً في ذلك للاشتباه في الموضوع، أو الحكم اجتهاداً، أو تقليداً لم يجب شيء، وكذا إذا لم يكن معذوراً في فعله في بعض الموارد كما إذا عجز عن الجمع بين امتثال تكليفين بسوء اختياره وصرف قدرته في امتثال الأهم منهما، فإنه لا يكون معذوراً في ترك المهم وإن كانت وظيفته عقلا الاتيان بالأهم انتخاباً لأخف القبيحين بل والمحرمين، هذا ولو كان المنكر مما لا يرضى الشارع بوجوده مطلقا كالإفساد في الأرض وقتل النفس المحترمة ونحو ذلك فلا بد من الردع عنه، ولو لم يكن المباشر مكلفاً فضلاً عما إذا كان جاهلاً بالموضوع أو بالحكم .

الخامس: أن لا يلزم من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضرر على الآمر في نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به، وكذا لا يلزم منه وقوعه في حرج لا يتحمله، فإذا لزم الضرر أو الحرج لم يجب عليه ذلك، إلا إذا أحرز كونه بمثابة من الأهمية عند الشارع المقدس يهون دونه تحمل الضرر أو الحرج، والظاهر أنه لا فرق فيما ذكر بين العلم بلزوم الضرر أو الظن به أو الاحتمال المعتد به عند العقلاء الموجب لصدق الخوف.

وإذا كان في الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر خوف الإضرار ببعض المسلمين في نفسه أو عرضه أو ماله المعتد به فالظاهر سقوط وجوبهما، نعم إذا كان المعروف والمنكر من الأمور المهمة شرعاً فلا بد من الموازنة بين الجانبين بلحاظ قوة الاحتمال وأهمية المحتمل فربما لا يحكم بسقوط الوجوب وربما يحكم به .