الوقاية خير من العلاج

ونحن في معرض حديثنا عن العفة لابد أن نبين للفرد المؤمن – ولا سيما المرأة – الطرق الوقائية التي تجنبها مزالق الشيطان وتمنعها من الوقوع في التهتك وعدمن العفة، فنذكر ما يأتي:

أولاً: على المرأة والرجل التفكير العميق ودراسة النتائج والعواقب الوخيمة المترتبة على ترك العفة في التصرف على صعيد الحياة الدنيوية والأخروية فالوقاية خير من العلاج.

ثانياً: إن الحجاب الذي فرضه الله على المرأة هو سلوك وعفة وأخلاق وأدب يوصل إلى كمال المرأة، قبل أن يكون جلباباً عريضاً وربطة للرأس، وهو مجموعة متكاملة من التصرفات التي تتضمن التقيد بالكلام والضحك والنظر والخضوع والميوعة، فالحجاب ليس فقط قطعة قماش مجردة عن معاني العفة، بل تعني المراقبة الشديدة لهذه القيم والأخلاق والتي يكون مصدرها الحياء.

ثالثاً: يجب على المرأة أن تتجنب فضول الحديث مع الرجال، والاقتصار على المقدار الواجب والضروري وقت الحاجة فقط، ولاسيما مع الرجال الأقرباء، لأن أبواب الغواية الشيطانية مفتوحة على مصراعيها، بسبب ارتفاع الحواجز وسهولة الدخول للبيت، وعلى العكس منه الرجل الغريب، فإنه لا تتوفر أمامه هذه الأجواء بشكل مستمر، فالحذر الحذر من الأقرباء كابن العم والعمة وابن الخال والخالة وأخ الزوج وأخت الزوجة، لذا تجد العلماء والعارفين يحذرون كثيراً من العلاقة الرحمية.

رابعاً: إن الإخوان المتزوجين في الأسر الكبيرة والذين يسكنون في بيت واحد، إن لم يتسنَ لهم مادياً أن يستقل كل واحد منهم في سكن خاص به، فعليهم التقيِّد في العلاقات فيما بينهم، فينبغي أن لا يكون هناك اختلاط بين النساء والرجال مهما أمكن، لاسيما في أوقات الاجتماع سواء على الأكل أو عند زيارة الأهل والأقرباء والأصدقاء، فينبغي أن ينعزل الرجال في جانب والنساء في جانب، لدرء مفاسد الاختلاط والوقاية من شروره، وكذلك على النساء في هذه الأسر الكبيرة رعاية الاحتشام، وترك التزين أمام الرجال الأجانب حتى وإن كان هذا الرجل أخ الزوج أو غيره فإن الحكم هو عدم جواز الاختلاط به ويعد أجنبياً أيضاً.

خامساً: في حالة الاختلاط المفروض بين الجنسين، والذي نُجبر عليه أحياناً، فيجب أن نحاول الابتعاد عن الخضوع في القول والميوعة في التصرفات والكلام والنظرات التي تثير النوايا الشيطانية وغير النظيفة، وإذا وجدت المرأة من الرجل وبالعكس أدنى ريبة، فلابد من الابتعاد عن الزيارة واللقاء وتقديم الأعذار لذلك، حتى لا تشجع الآخرين على تجاوزهم، وتغلق الباب أمام الشيطان في إلقاء حبائله، التي تجر في النهاية إلى الفاحشة – والعياذ بالله -.

سادساً: على المرأة أن تتجنب الخلوة مع الرجل الأجنبي كائناً من يكون، لأن الشيطان ثالثهما في هذه الحال،  ففي الحديث عن علي(عليه السلام) أنه قال: (لا يخلُ بامرأة رجل، فما من رجل خلا بامرأة، إلا كان الشيطان ثالثهما)([1]).

 وقال تعالى: (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) ([2]).

سابعاً: إن الذي ينساق وراء عواطفه وشهواته يؤدي ذلك به إلى التهلكة، لأن هذه الأمور ستجره الى التوتر والغضب والانفعالات السريعة، وبالتالي يصبح ذلك الإنسان أسيرا لقوتين شيطانيتين هي الشهوة والغضب، حينذاك يسقط ذلك الإنسان ويفقد نور الإيمان فهو لا يزال يهوي، إلّا أن تتداركه الرحمة الإلهية ويبادر إلى التوبة، عسى أن تنفعه وتنقذه مما هو فيه، وقد ورد تحذير شديد عن الحديث والمزاح الذي يحدث من قبل الرجل مع المرأة الاجنبية حيث ورد في الحديث:

(من فاكه([3]) امرأة لا يملكها حُبِس بكل كلمة كلَّمها في الدنيا ألف عام في النار )([4]).

ثامناً: إن المعاصي وخاصة تلك التي تنشأ بين الرجل والمرأة من حديث وضحك ومزاح وخضوع لو كُشف الغطاء عن حقيقتها لشاهدناها في عالم المعنى عقارب وأفاعي سامة تنهش بحقيقة الإنسان المعنوية فتسلبه ما عمله من حسنات، لأن هناك من الذنوب ما يكون مبطلاً للأعمال، ألم يقل الله تعالى: (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ)([5])، ويقول سبحانه: (وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) ([6]).

 


[1] مستدرك الوسائل: ج 14 ص 212.

[2] سورة الزخرف: آية 36.

[3] فاكه: أي مازحها في الحديث.

[4] بحار الانوار : ج73 ص 363.

[5] سورة محمد: آية 33.

[6] سورة الفرقان: آية 23.