الرياء في الروايات

1- المرائي مشرك:

* قال شدّاد بن أوس: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبكي فقلت: ما يبكيك؟ قال: (إني تخوفت على أمتي الشرك، أما إنهم لا يعبدون صنماً ولا شمساً ولا قمراً ولكنهم يراءون بأعمالهم)[1]، وهذا الحديث الشريف صريح في وصف المرائي بالمشرك، فهو يشرك في عمله الذي يكون لله غيرَه من خلقه

* وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (لو أن عبداً عمل عملاً يطلب به وجه الله والدار الآخرة وأدخل فيه رضا أحد من الناس كان مشركاً)[2]، وهذا الحديث يفسر ما سبق من حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) ويبين وجه التسمية بالشرك.

وقال (عليه السلام): قال الله عز وجل: (مَنْ عمل عملاً لي ولغيري فهو لمن عمل له)[3]، إذ أن الله كريم ولا يأخذ ما لا يكون خالصاً له تعالى، فإذا شرّك العبد بين الله وبين غيره من خلقه في العمل قال الله تعالى: هو له خاصة كما جاء في بعض الأحاديث وستأتي

* قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كل رياء شرك، إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ومن عمل لله كان ثوابه على الله)[4].

* عن علي بن سالم، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (قال الله تعالى: أنا أغنى الأغنياء عن الشريك، فمن أشرك معي غيري في عمل لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً)[5].

* عن أبي عبد الله (عليه السلام): في قول الله عز وجل:(فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)[6]، قال: الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسرَّ خيراً فذهبت الأيام أبداً حتى يظهر الله له خيراً، وما من عبد يُسِرُّ شراً فذهبت الأيام أبداً حتى يظهر الله له شراً)[7].

* عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تفسير قول الله عز وجل: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) [8]، فقال: من صلى مراءاة الناس فهو مشرك ... إلى أن قال: ومن عمل عملاً مما أمر الله به مراءاة الناس فهو مشرك، ولا يقبل الله عمل مراء)[9].

وقال(صلى الله عليه وآله)استعيذوا بالله من جبّ الخزي، قيل: وما هو يا رسول الله؟ قال: وادٍ في جهنم أُعِدَّ للمرائين، وقال (صلى الله عليه وآله): إن المرائي يُنادى يوم القيامة: يا فاجر يا غادر يا مرائي ضَلَّ عملك وبطل أجرك اذهب فخذ أجرك ممن كنت تعمل له)[10].

2- الرياء شرك أصغر:

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو الرياء، يقول الله تعالى يوم القيامة: إذا جازى العباد بأعمالهم اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم الجزاء.

ولا تنافي بين روايات الطائفة الأولى التي وصفت الرياء بالشرك وهذه الرواية التي وصفته بالشرك الأصغر إذ هو من تقييد المطلق وإطلاق المقيد ولا بأس به في عرف المحاورة.

3- المرائي يخدع نفسه:

عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه C: إن رسول الله(صلى الله عليه وآله) سُئل: فيما النجاة غداً فقال: إنما النجاة في أن لا تخادعوا الله فيخدعكم، فإنه من يخادع الله يخدعه، ويخلع منه الإيمان، ونفسَه يخدع لو يشعر، فقيل له: وكيف يخادع الله؟ قال: يعمل بما أمره الله، ثم يريد به غيره، فاتقوا الله واجتنبوا الرياء، فإنه شرك بالله، إن المرائي يُدعى يوم القيامة بأربعة أسماء: يا كافر، يا فاجر، يا غادر، يا خاسر، حبط عملك وبطل أجرك، ولا خلاق لك اليوم، فالتمس أجرك ممن كنت تعمل له)[11].

4- الجنة حرام على المرائي:

 عن النبي (صلى الله عليه وآله)قال: (إن الجنة تكلمت وقالت: إني حرام على كل بخيل ومُراء)[12].

5- المرائي لا يستحي من الله:

عن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: (وينبغي للعاقل إذا عمل عملاً أن يستحيى من الله - إذ تفرّد بالنعم - أن يشارك في عمله أحداً غيره)[13].

6- جهنم تعج من المرائين:

 وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: (إن النار وأهلها يعجون[14] من أهل الرياء، فقيل: يا رسول الله وكيف تعج النار؟ قال: من حر النار التي يعذبون بها)[15].

7- العبادة المحروم صاحبها منها الملعون عليها:

* قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)في خبر طويل: (وتصعد الحفظة بعمل العبد أعمالا بفقه واجتهاد وورع له صوت كصوت الرعد وضوء كضوء البرق وله ثلاثة آلاف ملك فيُمَرُّ بهم على ملك السماء السابعة فيقول الملك: قف واضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس لله، إنه أراد رفعة عند القواد وذكراً في المجالس وصوتاً في المدائن، أمرني ربي أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، قال: وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجاً به من صلاة وزكاة وصيام وحج وعمرة وخُلُق حَسَن وصمت وذكر كثير تُشَيَّعُهُ ملائكة السماوات السبعة بجماعتهم فيطؤون الحجب كلها حتى يقوموا بين يدي الله سبحانه فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء، فيقول الله تعالى: أنتم حفظة عمل عبدي، وأنا رقيب على ما في نفسه إنه لم يردني بهذا العمل عليه لعنتي فتقول الملائكة عليه لعنتك ولعنتنا)[16].

* عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (يجاء بالعبد يوم القيامة قد صلى فيقول: يا رب قد صليت ابتغاء وجهك، فيقال له: بل صليت ليقال: ما أحسن صلاة فلان اذهبوا به إلى النار)[17].

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): (إن المَلَك ليصعد بعمل العبد مبتهجاً به فإذا صعد بحسناته يقول الله عز وجل: اجعلوها في سجين[18] إنه ليس إياي أراد بها)[19].

عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (إن الله تعالى لا يقبل عملاً فيه مثقال ذرة من رياء)[20].

وقال (صلى الله عليه وآله): (إن الحفظة تصعد بعمل العبد إلى السماء السابعة من صوم وصلاة ونفقة واجتهاد وورع، لها دويّ كدويّ الرعد وضوء كضوء الشمس معه ثلاثة آلاف ملك، فيجاوزون به إلى السماء السابعة، فيقول لهم الملك الموكل بها قفوا واضربوا بهذا العمل وجه صاحبه اضربوا به جوارحه، اقفلوا به على قلبه، إني أحجب عن ربي كل عمل لم يرد به وجه ربي، إنه أراد بعمله غير الله، إنه أراد رفعة عند الفقهاء وذكراً عند العلماء وصيتاً في المدائن، أمرني أن لا أدع عمله يجاوزني إلى غيري، وكل عمل لم يكن لله خالصاً فهو رياء، ولا يقبل الله عمل المرائي)[21].

عن علي بن سالم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (قال الله عز وجل: أنا خير شريك، مَن أشرك معي غيري في عمل عمله لم أقبله إلا ما كان لي خالصاً)[22].

* وفى الحديث: (إنه يؤمر برجال إلى النار فيوحي الله سبحانه إلى مالك خازن النار: يا مالك قل للنار: لا تحرق لهم أقداماً فقد كانوا يمشون بها إلى المساجد، وقل للنار: لا تحرق لهم وجوهاً فقد كانوا يسبغون الوضوء، وقل للنار: لا تحرق لهم أيدياً فقد كانوا يرفعونها إليّ بالدعاء، وقل للنار: لا تحرق لهم ألسنةً فقد كانوا يكثرون تلاوة القران، فيقول لهم مالك: يا أشقياء ما كانت أعمالكم في الدنيا؟ فيقولون: كنا نعمل لغير الله فيقول لهم: خذوا (لتأخذوا) ثوابكم ممن عملتم له)[23].

وهذا الحديث يجسّد غاية العدل الذي يتصف به الباري جل وعلا، إذ رغم أن العبد لم يقصد وجهه تعالى في عمله إلا أن الله يثيب العاملين على عملهم، ولا يحرمهم منه في باقي خصوصياته وتفاصيله، ويعاقبهم على خصوص النية والقصد الذي كان منهم، مع أن حقهم أن يحرموا من كل العمل لأن الأعمال بالنيات، وهذا أدعى إلى الشوق إلى طاعة الله تعالى والعمل لوجهه الكريم وحده.

8- المرائي يكله الله إلى من عمل له:

عن أبي عبد الله (عليه السلام): (أنه قال لعباد بن كثير البصري في المسجد: ويلك يا عباد إياك والرياء فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى مَن عمل له)[24].

9- المرائي منافق:

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما زاد خشوع الجسد على ما في القلب فهو عندنا نفاق)[25]، وهذا الوصف الدقيق هو حقيقة الرياء، إذ الرياء أن لا يكون ما يظهر على تصرفات الشخص نابعاً من قلبه ونيته في العبادة، بل هو لأمر آخر، وهو إراءة الناس ذلك، لكسب مدحهم وثوابهم من دون الله.

قال الصادق (عليه السلام): (لا تُراء بعملك من لا يحيى ولا يميت ولا يغني عنك شيئاً والرياء شجرة لا تُثمر إلا الشرك الخفي وأصلها النفاق يقال للمرائي عند الميزان خذ ثوابك وثواب عملك، ممن عملت له ممن أشركته معي)[26].

10- الله يقلل عمل المرائي في أعين الناس:

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من أراد الله عز وجل بالقليل من عمله أظهر الله له أكثر مما أراد، ومن أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى الله عز وجل إلا أن يقلله في عين من سمعه)[27]، وهذه العقوبة وحدها كافية لردع المرائي عن الرياء لو تأمل وأنصف من نفسه، وسبحان الله الرحيم كيف يردع الإنسان عن الوقوع في الهلكة وينقذه منها بعقوبته.

11- ما كان للناس لا يصعد إلى الله: عن علي بن عقبة، عن أبيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (اجعلوا أمركم هذا لله ولا تجعلوه للناس فإنه ما كان لله فهو لله وما كان للناس فلا يصعد إلى الله)[28].

13- علامات المرائي:

قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ثلاث علامات للمرائي: ينشط إذا رأى الناس، ويكسل إذا كان وحده، ويحب أن يحمد في جميع أموره)[29].

15- الرياء يوجب مقت الله:

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (من أظهر للناس ما يحب الله وبارز الله بما كرهه[30] لقي الله وهو ماقت له) [31].

 


[1] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج2، ص179.

[2] المحاسن: ص122.

[3] الكافي ج2 ص296، باب الرياء ح 3.

[4] الكافي: ج2، ص296.

[5] وسائل الشيعة: ج1، ص73.

[6] سورة الكهف: آية 110.

[7] الكافي: ج2، ص296.

[8] سورة الكهف: آية 110.

[9] تفسير القمي: ج2، ص47.

[10] منية المريد: ص158، عدة الداعي: ص214 مع اختلاف يسير في ذيله.

[11] أمالي الصدوق: ص678.

[12] أسرار الصلاة: ص142.

[13] تحف العقول: ص297.

[14] عج يعج: رفع صوته وصاح (لسان العرب: ج2، ص 318 مادة: عجج).

[15] أسرار الصلاة: ص142.

[16] فلاح السائل: ص123 باختلاف يسير.

[17] وسائل الشيعة: ج1، ص72.

[18] أي أثبتوا تلك الأعمال،أو التي تزعمون أنها حسنات في ديوان الفجار الذي هو في سجين كما قال تعالى: «كلا إن كتاب الفجار لفي سجين».

[19] الكافي: ج2، ص296.

[20] عدة الداعي: ص214.

[21] جامع السعادات: ج2، ص290.

[22] الكافي: ج2، ص296.

[23] عدة الداعي: ص214.

[24] الكافي: ج2، ص296.

[25] المصدر السابق: ج2، ص291.

[26] مصباح الشريعة: ص280.

[27] الكافي: ج2، ص296.

[28] المصدر السابق.

[29] المصدر السابق: ج2، ص296.

[30] المستفاد من اللغة أنه من المبارزة في الحرب، فإن من يعصي الله سبحانه بمرأى ومسمع فكأنه يبارزه ويقاتله (آت).

[31] الكافي: ج2، ص296.