الرياء ينقسم إلى قسمين جَلي وخفي.
والجلي: هو الذي يبعث على العمل ويحمل الإنسان عليه، بمعنى أن الإنسان ليس عنده باعث ذاتي نحو العمل، فإذا كان بمحضر الناس استجد عنده الباعث نحو العمل لكي يراه الناس.
والخفي: هو الذي لا يحمل الإنسان على أصل العمل، أي: إن العامل يتوفر عنده الباعث نحو العمل من تلقاء نفسه، إلا أنه يخفف العمل الذي أريد به التقرب في الخلوة، وينشط عند وجود الناس، ويعرف هذا النوع بالسرور إذا أطلع عليه الناس، لا لأحد المقاصد الآتية، بل لطلب نوع منزلة في قلوب الناس، ويتوقع التعظيم والتوقير وقضاء الحوائج منهم ووجدان الاستبعاد من نفسه لو قُصر في احترامه، كأن نفسه تتقاضى الإكرام والاحترام على الطاعة التي أخفاها مع أنه لم يطلع عليه أحد، ولا شك أن هذا التقاضي لا ينفك عن شوب خفي من الرياء أخفى من دبيب النمل، ولو كان وجود الطاعة عنده كعدمها في كل ما يتعلق بالخلق وقنع بعلم الله فيها، لم يكن لهذا التوقع وجه.
إذن فعلامة خلوص العمل من الرياء ألاّ يجد تفرقة بين أن يطلع على عبادته إنسان أو بهيمة أو لا يطلع عليه أحد، ومهما وجد تفرقة في ذلك فلا يكون منفكا عن توقع مدح الناس له على طاعته، وذلك مما يحبط العمل، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (إن الله تعالى يقول للفقراء يوم القيامة: ألم يكن يرخص عليكم السعر؟ ألم تكونوا تُبدَؤون بالسلام؟ ألم تكونوا تُقضى لكم الحوائج؟ فلا أجر لكم، قد استوفيتم أجوركم!)[1].