وفق فتاوى آية الله العظمى
السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف)
السؤال: متى يتحقق الربا؟
الجواب: الربا نوعان: قرضي ومعاملي فالقرضي أن يقرض أحد غيره مع اشتراط ما يعود بالنفع عليه أو على غيره والمعاملي أن يبيع المكيل أو الموزون من جنسه بأكثر منه.
السؤال: متى يتحقق الربا في المعاملة النقدية؟
الجواب: يشترط في تحقق الربا في المعاملة النقدية أمران:
الأول: اتحاد الجنس والذات عرفا وإن اختلفت الصفات، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الرديء كالحويزاوي، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من الحنطة بمائة كيلو من الأرز.
الثاني: أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون، فإن كانا مما يباع بالعد مثلاً كالبيض والجوز في بعض البلاد فلا بأس، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين في تلك البلاد، وأما إذا كانت المعاملة نسيئة ففي اشتراط تحقق الربا فيها بالشرطين المذكورين نظر، فيشكل[1] صحة المعاملة في موردين:
1- أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون مع الاختلاف في الجنس كبيع مائة كيلو من الأرز بمائة كيلو من الحنطة إلى شهر.
٢- أن يكون العوضان من المعدود ونحوه مع اتحادهما في الجنس وكون الزيادة عينية كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر.
السؤال: هل يجوز بيع الحيوان بحيوان حي من جنسه؟
الجواب: الأحوط وجوباً عدم بيع لحوم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بالغنم بل ولا بغير جنسه أيضاً كبيع لحم الغنم بالبقر.
السؤال: هل يصح الربا بين الوالد وولده، والزوج وزوجته؟
الجواب: لا ربا بين الوالد وولده ولا بين الرجل وزوجته، فيجوز لكل منهما أخذ الزيادة من الآخر، ولا فرق في الولد بين الذكر والأنثى والخنثى ولا بين الصغير والكبير ولا بين الصلبي وولد الولد، كما لا فرق في الزوجة بين الدائمة والمتمتع بها، وكذا لا ربا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة، وأما الذمي فتحرم المعاملة الربوية معه على الأظهر، ولكن يجوز للمسلم أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة إذا كان إعطاؤها جائزاً في شريعته، ولا فرق فيما ذكر بين ربا البيع وربا القرض.
السؤال: هل بين الولد وأمه ربا؟
الجواب: ليست الأم كالأب فلا يصح الربا بينها وبين الولد.
السؤال: هل يجوز لشخص إعطاء شخص آخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون مديناً له به فيأخذه الثاني فينزله عند شخص ثالث بأقل منه؟
الجواب: ما يتعارف في زماننا من إعطاء شخص للآخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون مديناً له به فيأخذه الثاني فينزله عند شخص ثالث بأقل منه الظاهر عدم جوازه، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في رسالة (مستحدثات المسائل).
السؤال: لو اشتريت من الصائغ خاتماً وزنه غرام من الذهب بثمن مقداره غرام من الذهب ودفعت إليه مائة ريال -مثلاً- أجرة مقابل عمله، فهل هو من الربا المحرم، فلا يجوز أخذ المبلغ الإضافي؟ أم لا؟.
الجواب: نعم هذا حرام.
السؤال: لدي مبلغ من المال يقدرّ بمليون دينار وأعطيته إلى التاجر على شرط أي يعطيني مئة دولار أرباحاً كل شهر مع ضمان أصل المبلغ، فهل المعاملة صحيحة؟
الجواب: هذا ربا وحرام[2].
السؤال: ما هو حكم إيداع مبلغٍ من المال لدى تاجر عن طريق وسيط له، وذلك من أجل تشغيل ذلك المال عند التاجر وأخذ أرباحٍ منه بعد مرور عشرة أشهر، علماً إن مهمة الوسيط هي جمع المال من الناس وإعطاؤه للتاجر كدفعة واحدة لتسهيل الأمر على التاجر، هكذا يكون الاتفاق حيث يضمن الوسيط نسبة ٨٠% إلى ١٠٠% من رأس المال أرباحاً للمودع بعد مرور عشرة أشهر وهو بدوره (الوسيط) يأخذ من بين ٣٠% إلى ٥٠% من رأس مال المودع علاوة على النسب المذكورة من التاجر اتعاباً له، فما هو حكم هذه المعاملة التجارية والتي يدخل فيها كل من التاجر والوسيط والمودع؟
والشطر الثاني من السؤال هو هل يصح للتاجر أن يضمن رأس المال للمودع في حال خسارة التجارة إن هو تعهد بذلك؟
الجواب: هذا ربا ولا يجوز أخذه من المسلم نعم يجوز أن يتعامل المودع والتاجر على أساس نسبة من الربح لا نسبة من رأس المال وهذه هي المضاربة ولكي يضمنوا الربح المذكور يمكنه الاشتراط ضمن العقد بالأمور التالية:
1- أن يتعهد التاجر بتكميل المبلغ إلى المقدار المطلوب وهو ٨٠% مثلاً من رأس المال من ماله إذا كانت نسبة الربح أقل منه.
2- أن يكون التاجر وكيلاً من قبل المودع بأن يصالح نفسه بمبادلة النسبة المذكورة من الربح بالمقدار المطلوب في ما إذا احتمل كونها أكثر من ذلك[3].
3- أن يتعهد التاجر أن يدفع للمودع من ماله الخاص مقدار ما أخذ منه للمضاربة إذا خسر المبلغ أو تلف كلاً أو بعضاً.
السؤال: ما هو رأي سماحة السيد حول مسألة العمل في البنوك الأجنبية (كالبنك البريطاني) علماً بأن الظروف المعيشية الصعبة تحتم على الفرد الالتحاق بهكذا مكان للعمل فيه نظراً لصعوبة وجود شواغر وظيفية في مكانات أخرى؟
وهل هناك فرق بين العمل في البنك كمحاسب في القروض وبين العمل كمحاسب في شؤون الموظفين للبنك؟
الجواب: لا يجوز العمل في المجال الربوي فإذا كان العمل كمحاسب في شؤون الموظفين لا يرتبط بالمعاملات الربوية فلا بأس به.
السؤال: هل يجوز المساهمة في البنوك التي تتعامل بالربا؟
الجواب: لا يجوز.
السؤال: بعض الأشخاص يقترضون من البنوك، فيشترط عليهم البنك فائدة معينة كي يقرضهم وأحياناً يكون القرض مع الرهن؟
الجواب: لا يجوز الاقتراض من البنك إذا اشترط فائدة على إقراضهم لأنه ربا، سواء أكان القرض مع الرهن أم بدونه، ولكن يجوز لهم قبض المال منه لا بقصد القرض ثم التصرّف فيه بإذن الحاكم الشرعي أو وكيله، ولا يضرّ حينئذٍ علمهم بأنّ البنك سيستوفي الفائدة منهم قهراً، فلو طالبهم البنك جاز لهم دفع الزيادة حيث لا يسعهم التخلّف عن دفعها إلى البنك.
السؤال: هل يحرم بيع المکيل والموزون بأکثر منه؟
الجواب: يحرم بيع المكيل والموزون بأكثر منه كأن يبيع كيلوغرام من الحنطة بكيلو غرامين منها، ويعم هذا الحكم ما إذا كان أحد العوضين صحيحاً والآخر معيباً، أو كان أحدهما جيداً والآخر رديئاً، أو كانت قيمتهما مختلفة لأمر آخر، فلو أعطى الذهب المصوغ وأخذ أكثر منه من غير المصوغ فهو رباً وحرام.
السؤال: رجل يتعاطى الربا منذ شبابه ويريد الآن بناء مسجد فهل يجوز ذلك؟
الجواب: يلزمه تخليص ذمته وأمواله من الحرام قبل أن يبني مسجداً، ولكن لو بنى المسجد بمواد البناء والمشتراة بثمن كلي في الذمة لم يضر ذلك بترتيب أحكام المسجدية عليه، وإن وفّى الثمن من المال الحرام أو المختلط به.
السؤال: مَن كان يستقرض الأموال بالربا، وأراد التوبة، فهل يجزيه إبراء ذمم من أخذوا منه الربا، والاستغفار لله تعالى أم يجب عليه شيء أخر وما هو هذا الشيء؟
الجواب: لاشيء عليه سوى الاستغفار ولا يجب عليه إبراء ذمم من أخذوا منه الربا.
السؤال: هل يجوز إعطاء الطحين إلى الخباز وأخذ بدله خبزاً، علماً بأن تحديد الوزن غير ممكن وقد يكون أقل أو أكثر، وأن الخباز يأخذ أجراً على كل رغيف، وأن هذا محل ابتلائنا في هذا الوقت؟
الجواب: هذه المعاملة لا تخلو عن شبهة الربا فالأحوط لزوماً الاجتناب عنها ويمكن التخلص ببيع الطحين أولا بمبلغ أزيد.
السؤال: ما رأي سماحتكم في استبدال الذهب من العيار الواحد والعشرين بأزيد منه من الذهب العيار الثمانية عشر فهل هذه الزيادة ربا مع أن هذه الزيادة لو حولت إلى العيار الواحد والعشرين يكون الوزن متساوياً؟
الجواب: الزيادة في مثل ذلك من الربا ولا يجدي تساوي مقدار الذهب على تقدير الاستخلاص.
السؤال: قد تداول في سوق الذهب بيع الذهب حالاً بمثله مع الضميمة مؤجلاً فيباع کيلو غرام من الذهب الآن بکيلو غرام منه مع مليون يسلّمان بعد ستة أشهر، ولأجل لزوم الربا في هذا البيع فهل من سبيل إلى تصحيح هذا البيع والتخلص من الربا الواقع فيه أم لا؟
الجواب: في مفروض السؤال يمکن التخلص من الربا بأحد طريقين:
١- أن يبيع نقداً الذهب بثمن يساوي قيمة الکيلو فعلاً مع ضميمة المليون، فلو کانت قيمة الکيلو تعادل عشرة ملايين باعه بأحد عشر مليوناً حالاً بشرط أن يبيعه المشتري بهذا الثمن الذي في ذمته کيلو ومائة غرام من الذهب على أن يسلّمه له بعد ستة أشهر، وبعد ذلك على المشتري أن يفي بالشرط ويبيعه الذهب بالکيفية المذکورة في متن العقد إلا أنه لا يترتب على عدم وفائه بالشرط سوى الإثم.
٢- أن تجري معاملتان منفصلتان أحداهما معاملة نقدية يکون المبيع فيها کيلو غرام من الذهب وثمنه مجموع القيمة الفعلية لذلك مع ضميمة المليون فلو کانت القيمة الفعلية له عشرة ملايين کان الثمن في هذه المعاملة عبارة عن أحد عشر مليوناً في ذمة المشتري وثانيهما معاملة سَلَم (وهو بيع يكون الثمن فيه حالاً والمبيع نسيئة) يکون المبيع فيها ذهب بقيمة الثمن المذکور في المعاملة الأولى أي ما يعادل کيلو ومائة غرام من الذهب تقريباً يسلّم بعد ستة أشهر من هذا العقد، ويکون ثمنه ما في ذمة المشتري الذي صار بائعاً في هذه المعاملة فيحتسب ما في ذمته ثمناً لهذا المبيع.
[1] ومعناه الاحتياط الوجوبي وهو في المعاملات يؤدي إلى أحد أمرين: الأول: اعتبار المعاملة محرمة فلا يتعامل بها، والثاني: إذا فرض وجود المعاملة فيتراضى مع الطرف الآخر على الثمن والمثمن.
[2] ولتصحيح المعاملة له أن يدفع المبلغ -على نحو المضاربة- إلى التاجر ويشترط عليه نسبة في الربح كان يقول له لي ربع أرباحك.
[3] أي أن التاجر يكون وكيلاً عن المودع في أجراء مصالحة طرفاها المودع (عن طريق وكيله وهو نفس التاجر) والتاجر، ومضمون المصالحة هو تبديل الربح بالنسبة المذكورة والتي هي حصة المودع بالمقدار المطلوب من قبل المودع في كل مرة يحتمل بأن النسبة أكبر من المقدار المطلوب، وبذلك يحل للتاجر أخذ هذه الزيادة بهذه الطريقة.