تصدقه (عليه السلام)

كان  (عليه السلام) كثير التصدّق على فقراء المدينة ومساكينها وخصوصاً بالسرّ، وقد روي أنّه كان لا يأكل الطعام حتّى يبدأ فيتصدّق بمثله، وروي أنّه  (عليه السلام) كان يحمل جراب الخبز على ظهره بالليل فيتصدّق به، ويقول: (إنّ صدقة السرّ تُطفئ غضب الربّ)[1]، ولمّا استشهد  (عليه السلام) تبيّن أنّه كان يعيل مائة عائلة من عوائل المدينة المنوّرة، ولقد كان أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتّى مات علي بن الحسين (عليه السلام)، وعن محمد بن إسحاق: إنه كان ناس من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين معاشهم، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ما كانوا يؤتون به بالليل[2].

عن سفيان بن عيينة قال: (رأى الزهري علي بن الحسين في ليلة باردة مطيرة، وعلى ظهره دقيق وحطب وهو يمشي، فقال له: يا بن رسول الله ما هذا؟ قال: أريد سفرا أعد له زادا أحمله إلى موضع حريز، فقال الزهري: فهذا غلامي يحمله عنك فأبى، قال: أنا أحمله عنك فإني أرفعك عن حمله، فقال علي بن الحسين (عليه السلام):  لكني لا أرفع نفسي عما ينجيني في سفري ويحسن ورودي على ما أرد عليه، أسألك بحق الله لما مضيت لحاجتك وتركتني، فانصرفت عنه فلما كان بعد أيام قلت له: يا بن رسول الله لست أرى لذلك السفر الذي ذكرته أثرا، قال: بلى يا زهري ليس ما ظننته، ولكنه الموت وله كنت استعد، إنما الاستعداد للموت تجنب الحرام وبذل الندى والخير[3].

وقال عمرو بن ثابت: (لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون إلى آثار سواد في ظهره وقالوا: ما هذا؟ فقيل: كان يحمل جُرُب الدقيق ليلا على ظهره يعطي فقراء أهل المدينة، وفي روايات أصحابنا: إنه لما وضع على المغتسل نظروا إلى ظهره وعليه مثل رُكَب الإبل مما كان يحمل على ظهره إلى منازل الفقراء، وكان (عليه السلام) إذا انقضى الشتاء تصدق بكسوته، وإذا انقضى الصيف تصدق بكسوته)[4].

 


[1] بحارالأنوار للعلامة المجلسي:ج46،ص88.

[2] بحار الأنوار للعلامة المجلسي:ج46،ص88.

[3] علل الشرائع للشيخ الصدوق:ج1، ص231.

[4] مناقب آل أبي طالب ابن شهر آشوب: ج3، ص294.