علة تحريم الربا

هذا وهناك روايات ركز فيها الأئمة (عليهم السلام) على بيان علة التحريم، لتسليط الضوء على أن الأحكام الشرعية الصادرة من الله تعالى هي لمصلحة الناس ونفعهم، فقد قال الله تعالى في محكم كتابه: (وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ)[1]، وهذه سنة عامة في أحكام الإسلام لابد من الاعتقاد بها، ولكن بيان علل الأحكام وخصوصياتها يحتاج إلى عِدل القرآن وترجمانه وهم الأئمة الهداة (عليهم السلام)، ومَن وصفهم الشارع بالقرآن الناطق، لتسليط الضوء على مفاسد الربا التي لاحظها الشارع في تحريمه، فإليك عزيزي القارئ بعض هذه الروايات.

عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : (إني رأيت الله تعالى قد ذكر الربا في غير آية وكرره، فقال: أوَ تدري لم ذاك ؟ قلت: لا، قال: لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف)[2]

عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن علة تحريم الربا؟ فقال: (إنه لو كان الربا حلالاً لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه، فحرّم الله الربا لتنفر الناس من الحرام إلى الحلال وإلى التجارات من البيع والشراء، فيبقى ذلك بينهم في القرض)[3].

عن محمد بن سنان أن أبا الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله: (علة تحريم الربا إنما نهى الله عز وجل عنه لما فيه من فساد الأموال لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً وثمن الآخر باطلاً، فبيع الربا وشراؤه وكْسٌ على كل حال، على المشتري وعلى البائع، فحظر الله تبارك وتعالى على العباد الربا لعلة فساد الأموال كما حظر على السفيه أن يدفع إليه ماله لما يتخوف عليه من إفساده حتى يؤنس منه رشداً، فلهذه العلة حرم الله الربا وبيع الدرهم بدرهمين يداً بيد، وعلة تحريم الربا بعد البينة لما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرم، وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله تعالى لها ولم يكن ذلك منه إلا استخفافاً بالمحرم للحرام والاستخفاف بذلك دخول في الكفر، وعلة تحريم الربا بالنسيئة لعلة ذهاب المعروف وتلف الأموال ورغبة الناس في الربح وتركهم القرض وصنايع المعروف ولما في ذلك من الفساد والظلم وفناء الأموال)[4].

 


[1] الأعراف 157.

[2] الكافي: ج5، ص145.

[3] علل الشرائع: ج2، ص483.

[4] علل الشرائع: ج2، ص483.

[5] من لا يحضره الفقيه: ج3، ص274.

[6] المصدر السابق.