رواية الفريقين إخبار الأنبياء السابقين بالفاجعة

رواية الفريقين إخبار الأنبياء السابقين بالفاجعة[1]

بل قد روى الشيعة[2]، وكثير من الجمهور [3] ما يوحي بأن هذا الحدث العظيم قد تحدث عنه الأنبياء السابقون على نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة والسلام) في غابر العصور، وعرف قبل بعثة النبي (صلى الله عليه وآله) بزمان طويل.

وهو المناسب لما ورد من أن أم المؤمنين أم سلمة(رضي الله عنها) [4] وغير واحد في أماكن مختلفة [5] سمعوا بعد قتل الإمام الحسين (صلوات الله عليه) هاتفاً يهتف ويقول:

أيها القاتلون جهلاً حسيناً                                أبشروا بالعذاب والتنكيل

كل أهل السماء يدعو عليكم                           من نبي وملأَك وقبيل

قد لعنتم على لسان ابن داود                           وموسى وصاحب الإنجيل

حيث يكشف ذلك عن أهمية هذا الحديث عند الله تعالى في الدعوة إليه، حتى أطلع عليه أنبياءه، كما أطلعهم على رسالة النبي (صلى الله عليه وآله) الخاتمة للرسالات، والتي تتضمن دين الإسلام الخاتم للأديان، والذي يكون هذا الحدث من الأحداث المهمة المتعلقة به.

وذلك يرجع إلى أن سيد الشهداء الإمام الحسين (صلوات الله عليه) قد أُعِد لمهمة إلهية تتناسب مع هذا الإعلام الإلهي المكثف، ومع حجم التضحية التي يقدم عليها.

وهو المناسب لأهمية دين الإسلام العظيم في الدعوة إلى الله تعالى، لكونه خاتم الأديان وأكملها، وبه بقاء الدعوة لله عز وجل، وخلودها في الأرض، حيث تكتسب الأحداث المؤثرة فيه أهمية تتناسب مع أهميته.

ولاسيما أن هذا الحدث لم يكن نصراً لدين الإسلام فحسب، بل هو انتصار للأديان السماوية بأجمعها، على ما يأتي التنبيه له في الفصل الأول من الخاتمة إن شاء الله تعالى.

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص47.

[2] منها ما روي عن آدم (عليه السلام) (بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٢ - ٢٤٣، ٢٤٥)، وإبراهيم (كامل الزيارات ص: ١٤٢-١٤٣. خصال الصدوق ص: ٥٨-٥٩ ح: ٧٩. بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٣)، وإسماعيل (عليه السلام) (بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٣-٢٤٤)، ونوح(عليه السلام) (الأمان من أخطار الأسفار ص: ۱۱۸ - ۱۱۹ الفصل الرابع، وزكريات كمال الدين وتمام النعمة ص: ٤٦١ الباب الثالث والأربعون. دلائل الإمامة ص: ٥١٣. مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج: ۳ ص: ۲۳۷. وغيرها من المصادر)، وموسى (عليه السلام) (بحار الأنوارج: ٤٤ ص: ٢٤٤)، وسليمان (عليه السلام) (بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٤)، وعيسى(عليه السلام) (الأماني للمصدوق ص: ٦٩٥. بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٤)، وغيرهم من الأنبياء (كامل الزيارات ص: ۱۳۷، ۱۳۸، ۱۳۹).

[3] راجع المعجم الكبير ج: ۳ ص: ۱۱۱ مسند الحسين بن علي: ذكر مولده وصفته ح: ۲۸۲۷، و تاريخ دمشق ج: ١٤ ص: ۱۹۹، ۲۰۰ في ترجمة الحسين بـ ن بن علي بن أبي طالب، وسير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ۲۹۱ في ترجمة الحسين الشهيد، وتاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٢٩٦ أحداث سنة ستين من الهجرة: ذكر الخير عن مسير الحسين (عليه السلام) من مكة متوجهاً إلى الكوفة وما كان من أمره في مسيره، والفتوح لا بن أعثم ج: ٤ ص: ۳۳۰-۳۳۱ ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل ..، ومقتل الحسين للخوارزمي ج: 1 ص: ١٦٥ الفصل الثامن، وحياة الحيوان ج: ۱ ص: ۱۱۰ عند كلامه عن الأوز، وغيرها من المصادر الكثيرة.

ومما يشهد بذلك ما رواه ابن عساكر بأسانيد متعددة إلى يحيى بن يمان قال: أخبرني إمام مسجد بني سليم قال غزا أشياخ لنا الروم، فوجدوا في كنيسة من كنائسهم:

كيف ترجو أمة قتلت حسيناً                  شفاعة جده يوم الحساب

فقالوا: منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قالوا: قبل أن يخرج نبيكم بستمائة».

تاریخ دمشق ج: ١٤ ص: ٢٤٢-٢٤٤ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، ونقله عنه في البداية والنهاية ج: ٨ ص: ۲۱۸ في أحداث سنة إحدى وستين: فصل بلا عنوان بعد ذكر صفة مقتله. ورواه بسند آخر الطيراني في المعجم الكبير ج: ٣ ص: ١٢٤ في مسند الحسين بن علي في ذكر مولده وصفته ح: ٢٨٧٤، ونقله عنه في مجمع الزوائد ج: ٩ ص: ۱۹۹ کتاب المناقب: باب مناقب الحسين بن علي(عليهما السلام). ورواه أيضاً المزي بسند آخر في تهذيب الكمال ج: ٦ ص: ٤٤٢ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب.

ورواه الخوارزمي بسنده عن يحيى بن يمان وزاد فيه بيتاً آخر، إلا أن فيه: ((قبل أن يبعث صاحبكم بثلاثمائة عام)). مقتل الحسين للخوارزمي ج: ٢ ص: ٩٣.

وكذا ما رواه ابن عساكر أيضاً بسندين عن الأصمعي قال: «مررت بالشام على باب دير، وإذا على حجر منقور كتابة بالعبرانية، فقرأتها. فأخرج راهب رأسه من الدير، وقال لي: يا حنيفي أتحسن تقرأ العبرانية؟ قلت: نعم. قال لي: اقرأ. فقلت:

أيرجو معشر قتلوا حسيناً                       شفاعة جده يوم الحساب

فقال لي الراهب يا حنيفي، هذا مكتوب على هذا الحجر قبل أن بعث صاحبك يعني النبي (صلى الله عليه وسلم) بثلاثين عاماً)). تاريخ دمشق ج: ٣٧ ص: 57 - 58 في ترجمة عبد الملك بن قريب بن عبد الملك.

ومثله ما رواه السمهودي عن محمد بن سيرين أنه قال: ((وجد حجر قبل مبعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بثلاثمائة سنة عليه مكتوب بالسريانية، فنقلوه إلى العربية، فإذا هو :

أترجوا أمة قتلت حسيناً                         شفاعة جده يوم القيامة))

جواهر العقدين ق:2 ج:2 ص: ۳۸۷ الذكر الرابع عشر. وروى مثله في ينابيع المودة ج: ٣ ص: ٤٦، و نظم درر السمطين ص: ۲۱۹، وغيرها من المصادر.

[4] ) تاریخ دمشق ج: ١٤ ص: ٢٤٠ في ترجمة الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب. البداية والنهاية ج: ٨ ص:219 أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة فصل من دون ترجمة. نظم درر السمطين ص:217. مقتل الحسين للخوارزمي ج: ٢ ص: ٩٥ الفصل الثاني عشر، وقد اقتصر على البيت الأول والثالث.

[5] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٥٨ أحداث سنة إحدى وستين. الفتوح لابن أعثم ج: ٥ ص: ١٥٦ بعد ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثه إليه برأس الحسين بن علي (رضي الله عنهما). كتاب الهواتف ص: ۸۷ باب هواتف الجن. الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٩٠ أحداث سنة إحدى وستين ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه) وغيرها من المصادر. وقد اختلفت المصادر في بعض ألفاظ الأبيات وقد أثبتناها بلفظ الكامل في التاريخ.