امتناعه (عليه السلام) من الذهاب لجبل طيء

امتناعه (عليه السلام) من الذهاب لجبل طيء

كما أنه (صلوات الله عليه) في الطريق بعد لقائه مع الحر التقى بالطرماح بن عدي الطائي، فذكر له الطرماح أنه رأى الناس قد جُمعوا من أجل أن يسَّرحوا لقتاله. وقال له: ((فإن أردت أن تنزل بلداً يمنعك الله به حتى ترى من رأيك، ويستبين لك ما أنت صانع، فسر حتى أنزلك مناع جبلنا الذي يدعى (أجأ). امتنعنا والله به من ملوك غسان وحمير، ومن النعمان بن المنذر، ومن الأسود والأحمر. والله إن دخل علينا ذل قط. فأسير معك حتى أنزلك القرية، ثم نبعث إلى الرجال ممن بأجأ  وسلمى من طيء. فوالله لا يأتي عليك عشرة أيام حتى يأتيك طيء رجالاً وركباناً. ثم أقم فينا ما بدا لك. فإن هاجك هيج فأنا زعيم لك بعشرين ألف طائي يضربون بين يديك بأسيافهم. والله لا يوصَل إليك أبداً ومنهم عين تطرف)).

فجزاه الإمام الحسين (عليه السلام) وقومه خيراً، وقال: ((إنه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف. ولا ندري علام تنصرف بنا وبهم الأمور في عاقبة))[1].

وأخيراً كانت نتيجة اتفاقه (عليه السلام) مع الحرّ أن وصل إلى مكان بعيد عن الكوفة قريب من نهر الفرات، حيث الماء والزرع والقرى، وحيث يسهل تجمع الجيوش لقتاله، ويصعب أو يتعذر على من يريد نصره الوصول إليه.

ثم لما وصل كتاب ابن زياد للحر يأمره أن يجعجع بالحسين (عليه السلام) وأصحابه، وينزلهم على غير ماء ولا في قرية، قالوا له: دعنا ننزل نينوى أو الغاضريات أو شفية، فمنعهم، معتذراً بأن رسول ابن زياد عين عليه. فقال زهير بن القين (رضي الله عنه) للإمام الحسين ( صلوات الله عليه): ((يا ابن رسول الله إن قتال هؤلاء أهون من قتال من يأتينا من بعدهم. فلعمري ليأتينا من بعد من ترى ما لا قِبَل لنا به)). فقال: ((ما كنت لأبدأهم بالقتال))[2].

مع أنه (صلوات الله عليه) لو أصرّ على النزول في إحدى القرى الحصينة، فإن تركوه فذاك، وإن قاتلوه كانوا هم البادئين بالقتال، لا هو (عليه السلام).  

لكنه استجاب لهم، ولم يمانع.

 


[1] تاريخ الطبري ج: ٤ ص: ٣٠٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له. الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٥٠ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين (رضي الله عنه). البداية والنهاية ج: ٨ ص: ١٨٨ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة الشأن. ومثله مختصراً في أنساب الأشراف ج: ٣ ص: ۳۸۳ خروج الحسين بن علي من مكة إلى الكوفة. وغيرها من المصادر.

[2] تاريخ الطبري ج: ٤ ص ٣٠٩ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة، واللفظ له. الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٥٢ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة ذكر: مقتل الحسين (رضي الله عنه). الفتوح لابن أعثم ج: ٥ ص: ۹۰ ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي (رضي الله عنهما). الأخبار الطوال ص: ٢٥٢ خروج الحسين إلى الكوفة. إعلام الورى بأعلام الهدى ج: ١ ص: ٤٥١. وغيرها من المصادر.