اتفاقه (عليه السلام) مع الحرّ في الطريق
ولما التقى (صلوات الله عليه) بالحرّ بن يزيد الرياحي - الذي بعثه ابن زياد في ألف رجل لياتوه بالحسين إلى الكوفة - كان (عليه السلام) في أبعد موضع عن نفوذ ابن زياد، وأصعب مكان لتجمع الجيش ضده، حيث لا ماء ولا زرع ولا قرى ولا مأوى.
لكنه (عليه السلام) بعد أن منعه الحرّ من الرجوع اتفق مع الحرّ - كما سبق - على أن يسلك طريقاً لا يوصله للكوفة ولا يرجع به للمدينة، واستمر في السير في منطقة نفوذ ابن زياد، وتوغل فيها.
مع أنه (صلوات الله عليه) إن كان آيساً من نصرة أهل الكوفة له كان الأصلح له عسكرياً أن يقف حيث انتهى، أو يقتصر في السير على أول موضع يجد فيه الماء.
وإن كان يأمل نصرتهم، ويحاول الحصول عليها، كان الأصلح له أن يسير مع الحرّ إلى مشارف الكوفة، ثم يمتنع من الاستسلام لابن زياد، ويستنصر الناس. حيث يسهل على من يريد نصره من الكوفيين أن يصل إليه ويلتحق به.
بينما يتعذر ذلك على الكثير منهم إذا بَعُد عن الكوفة، لأن عبيد الله بن زياد يستطيع حينئذ محاصرة الكوفة وضبط أطرافها، بحيث يتعذر على من يعرف بالتشيع الوصول للإمام الحسين (عليه السلام).
وفعلاً قام ابن زياد بذلك. قال ابن سعد: ((وجعل الرجل والرجلان والثلاثة يتسللون إلى حسين من الكوفة، فبلغ ذلك عبيد الله، فخرج فعسكر بالنخيلة، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، وأخذ الناس بالخروج إلى النخيلة، وضَبَط الجسر فلم يترك أحداً يجوزه))[1].
[1] ترجمة الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: 69 - ۷۰ ح: ۲۹۰، واللفظ له. سير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ٣٠٠ في ترجمة الحسين الشهيد. أنساب الأشراف ج: ۳ ص: ۳۸۸ خروج الحسين بن علي من مكة إلى الكوفة، وغيرها من المصادر.