توقع الناس للفاجعة قبل وقوعها

توقع الناس للفاجعة قبل وقوعها

بل يبدو أن ذلك قد شاع وعرف بين الناس قبل حصوله. فقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) خطب في المسلمين، وأخبرهم بقتل الحسين (عليه السلام) فضجّ الناس بالبكاء، فقال (صلى الله عليه وآله): ((أتبكون ولا تنصرونه ؟!...))[1].

وروى الطبراني بسنده عن عائشة حديثاً طويلاً يتضمن إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) لها بقتل الإمام الحسين (عليه السلام) بالطف، وفيه: ((ثم خرج إلى أصحابه - فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر (رضي الله عنهم) - وهو يبكي، فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله؟ فقال: أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف، وجاءني بهذه التربة، وأخبرني أن فيها مضجعه))[2].

وعن أنس بن مالك تعقيباً على حديث التربة أنه قال: ((فكنا نسمع أنه يقتل بكربلاء))[3].

وعن ابن عباس أنه ذكر خطبة النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك، وقال: ((ثم نزل عن المنبر، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا وتيقن بأن الحسين مقتول)) [4].

كما أسند غير واحد عن ابن عباس أنه قال: ((ما كنّا نشك وأهل البيت متوافرون أن الحسين بن علي يقتل بالطف)[5] .

وقال البلاذري: ((حدثني عمر بن شبة حدثنا موسى بن إسماعيل. وحدثني يوسف بن موسى القطان، قالا: حدثني حكام بن عمرو بن معروف عن ليث عن مجاهد قال: قال علي (عليه السلام) وهو بالكوفة: كيف أنتم إذا أتاكم أهل بيت نبيكم يحمل قويهم ضعيفهم؟ قالوا: نفعل ونفعل. فحرك رأسه، ثم قال: توردون ثم تعرّدون [6]، ثم تطلبون البراءة ولا براءة لكم. وحدثني صديق لي عن يوسف بن موسى أن في حديثه: وتعينون عليه شر أهل زمانه في نسبه وسيرته))[7].

وقال الشيخ المفيد: ((وروى عبد الله بن شريك قال: كنت أسمع أصحاب علي (عليه السلام) إذا دخل عمر بن سعد من باب المسجد يقولون: هذا قاتل الحسين بن علي (عليه السلام). وذلك قبل قتله بزمان)) [8].

وروي أن عمر بن سعد قال للإمام الحسين (صلوات الله عليه): ((إن قوماً من السفهاء يزعمون أني أقتلك)). فقال له الإمام الحسين (عليه السلام): ليسوا بسفهاء، ولكنهم حلماء. ثم قال: والله إنه ليقر بعيني أنك لا تأكل برّ العراق بعدي إلا قليلاً ))[9].

وقال ابن الأثير: ((قال عبد الله بن شريك: أدركت أصحاب الأردية المعلمة وأصحاب البرانس السود من أصحاب السواري إذا مرّ بهم عمر بن سعد قالوا: هذا قاتل الحسين. وذلك قبل أن يقتله))[10].

وروي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لعمر بن سعد: ((كيف أنت إذا قمت مقاماً تخير فيه بين الجنة والنار، فتختار النار ؟!))[11].

وقال العريان بن الهيثم: ((كان أبي يتبدى، فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين. فكنا لا نبدو إلا وجدنا رجلاً من بني أسد هناك، فقال له: إني أراك ملازماً هذا المكان. قال: بلغني أن حسيناً يقتل ههنا. فأنا أخرج، لعلي أصادفه، فأقتل معه. فلما قتل الحسين قال أبي: انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل؟ وأتينا المعركة، فطوفنا فإذا الأسدي مقتول))[12].

بل يظهر من بعض النصوص أن ذلك أمر نوه به بعض الأنبياء في الأمم السابقة. فعن رأس الجالوت: ((قال: كنا نسمع أنه يقتل بكربلاء ابن نبي. فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها. فلما قتل الحسين جعلت أسير بعد ذلك على هيأتي)) [13].

كما استفاض الحديث عن النبي وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) وخواص أصحابهم - تبعاً لهم - عن انتقام الله عزّ وجلّ من قتلته من بعده.

فعن ابن عباس أنه قال: ((أوحى الله إلى نبيكم (صلى الله عليه وآله) أني قتلت بيحيى سبعين ألفاً. وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً)) [14]. ويأتي من الإمام الحسين (صلوات الله عليه) التأكيد على ذلك.

 


[1] مقتل الحسين للخوارزمي ج: ١ ص: ١٦٤ الفصل الثامن، واللفظ له، الفتوح لا بن أعثم ج: ٤ ص: ۳۲۸ ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده. بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٤٨.

[2] المعجم الكبير ج: ۳ ص: ۱۰۷ مسند الحسين بن علي: ذكر مولده وصفته ح: ٢٨١٤. مجمع الزوائد ج: ۹ ص: ۱۸۸ كتاب المناقب: باب مناقب الحسين بن علي(عليهما السلام). كنز العمال ج: ۱۲ ص: ۱۲۳ ح: ٣٤٢٩٩. فيض القدير ج: ١ ص: ٢٦٦، وغيرها من المصادر.

[3] مسند أحمد ج: ٣ ص: ٢٦٥، مسند أنس بن مالك وغيره من المصادر بنفس اللفظ أو بما يقاربه.

[4] مقتل الحسين للخوارزمي ج ١ ص: ١٦٤ - ١٦٥ الفصل الثامن، واللفظ له. الفتوح لابن أعثم ج: ٤ ص: ۳۲۸- ۳۳۰ ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده.

[5]  المستدرك على الصحيحين ج: ۳ ص: ۱۷۹ كتاب معرفة الصحابة: أول فضائل أبي عبد الله الحسين بن علي الشهيد (رضي الله عنهما). السلسلة الصحيحة ج: ٣ ص: ٢٤٥ حديث: ۱۱۷۱. مقتل الحسين للخوارزمي ج:١ ص: ١٦٠ الفصل الثامن. إمتاع الأسماع للمقريزي ج: ۱۲ ص: ٣٢٨، ج: ١٤ ص: ١٤٥. وغيرها من المصادر.

[6] عرّد الرجل عن قرنه إذا أحجم ونكل. لسان العرب.

[7]  أنساب الأشراف ج: ٥ ص: ٤٠٧ في ترجمة عبيد الله بن زياد، ج ٣ ص: ٣٦٣ أمر الحسين بن علي بن أبي طالب.

[8] الإرشاد ج: ۲ ص: ۱۳۱-۱۳۲، بحار الأنوار ج: ٤٤ ص: ٢٦٣. ومثله في كشف الغمة ج: ٢ ص: ۲۱۸ ولكن فيه (أصحاب محمد) بدل (أصحاب علي).

[9] تاریخ دمشق ج: ٤٥ ص: ٤٨ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص، واللفظ له، تهذيب الكمال ج: ۲۱ ص: ٣٥٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص، تهذيب التهذيب ج: ٧ ص: ٣٦٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص تاريخ الإسلام للذهبي ج: ٥ ص: ١٩٥ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص. وغيرها من المصادر.

[10] الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٢٤٢ ذكر مقتل عمر بن سعد وغيره ممن شهد قتل الحسين من أحداث سنة ٦٦ هـ، واللفظ له. ومثله في تاريخ دمشق ج: ٤٥ ص: ٤٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص، وتهذيب الكمال ج: ٢١ ص: ٣٥٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص.

[11] تاریخ دمشق ج: ٤٥ ص: ٤٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص. تهذيب الكمال ج: ٢١ ص: ٣٥٩ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص تاريخ الإسلام للذهبي ج: ٥ ص: ١٩٥ في ترجمة عمر بن سعد بن أبي وقاص. الكامل في التاريخ ج: ٤ ص: ٢٤٢ ذكر مقتل عمر بن سعد وغيره ممن شهد قتل الحسين من أحداث سنة ٦٦ هـ. كنز العمال ج: ١٣ ص: ٦٧٤ ح: ٣٧٧٢٣.

[12] تاریخ دمشق ج: ١٤ ص: ٢١٦-٢١٧ في ترجمة احسين بن علي بن أبي طالب، واللفظ له. ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ٥٠ ح: ۲۸۱. بغية الطلب في تاريخ حلب ج: ٦ ص: ٢٦١٩.

[13] المعجم الكبير للطبراني ج: ۳ ص: ۱۱۱. مسند الحسين بن علي ذكر مولده وصفاته. سير أعلام النبلاء ج: ٣ ص: ۲۹۱ في ترجمة الحسين. وغيرها من المصادر.

[14] المستدرك على الصحيحين ج: ۲ ص: ۲۹۰ كتاب التفسير: تفسير سورة آل عمران، واللفظ له، ص: ٥٩٢ کتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين: ذكر يحيى بن زكريا نبي الله (عليهما السلام)، ج: ۳ ص: ۱۷۸ كتاب معرفة الصحابة (رضي الله عنهم): فضائل الحسين بن علي (رضي الله عنهما)، وقال الحاكم بعد ذكر الحديث: ((هذا حديث صحيح الإسناد لم يخرجاه))، سير أعلام النبلاء ج: ٤ ص: ٣٤٢ في ترجمة سعيد بن جبير، قال الذهبي بعد ذكر الحديث: ((هذا حديث نظيف الإسناد منكر اللفظ)). تاريخ دمشق ج: ١٤ ص: ٢٢٥ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب، ج: ٦٤ ص: ٢١٦ في ترجمة يحيى بن سليمان بن نشوي تهذيب الكمال ج: ٦ ص: ٤٣١ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي.

تاریخ بغداد ج ١ ص: ١٥٢ في ذكر سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين (عليهما السلام). فيض القدير ج: ١ ص: ٢٦٥. تفسير القرطبي ج: ١٠ ص: ۲۱۹. الدر المنثورج: ٤ ص: ٢٦٤. كنز العمال ج: ١٢ ص: ١٢٧ ح: ٣٤٣٢٠. وغيرها من المصادر الكثيرة.