أشرقت الدنيا بولادة الإمام زين العابدين (عليه السلام) الذي فجّر ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وقدّم للناس بسيرته أروع الأمثلة والدروس في نكران الذات، والتجرد عن الدنيا، والانقطاع إلى الله، وها هي أدعيته تتلى آناء الليل وأطراف النهار فهي نبراس السائرين إلى الله، كما كانوا(عليهم السلام) نجوماً لأهل الأرض يهتدى بهم، وقد استقبلت الأسرة النبوية بمزيد من الأفراح والمسرات هذا الوليد المبارك، حتى شملت جميع من يتصل بهم من الصحابة وأبنائهم.
ومنذ ولادته رافقته الخطوب وصاحبته الآلام فقد اختطفت يد المنون أمه الزكية، وهو في المهد، وتتابعت عليه المحن بعد ذلك يتبع بعضُها بعضاً، فلم يُبتلَ إنسان بمثل ما أبتُلي به هذا الإمام العظيم.
ولد إمامنا زين العابدين (عليه السلام) في الخامس من شعبان سنة 38هـ في المدينة المنوّرة، وأمّه المكرمة شهربانو بنت يزدجر بن شهريار ملك الفُرس، وقيل شاه زنان كما قال شيخنا الحر العاملي في أرجوزته:
وأُمه ذات العــــلا والمجـد شاه زنان بنت يزدجــر
وهو ابن شهريار ابن كسرى ذو سؤدد ليس يخاف كَسرا