المقارنة بين قضية المباهلة وجريمة قتله (عليه السلام)

المقارنة بين قضية المباهلة وجريمة قتله (عليه السلام) [1]

وفي ختام الحديث عن البعد الإجرامي لقتله بشخصه (صلوات الله عليه) نقول: من المفارقات المؤسفة الكاشفة عن تدهور المسلمين وشدة انحرافهم بعد النبي (صلى الله عليه وآله) في التنظير لشرعية الخلافة والإمامة، وفي سلوكهم العملي، والشاهدة بشدة بشاعة الجريمة، أن الإمام الحسين (عليه السلام) كان أصغر أصحاب الكساء (صلوات الله عليهم) سناً، وهم الذين خرج بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمباهلة وفد علماء نصارى نجران في قضية مشهورة تحداهم بها القرآن المجيد وعمره (عليه السلام) حينئذٍ ست سنين.

وقد أحجم الوفد المذكور عن مباهلته (صلى الله عليه وآله) حين رأوهم معه، وعلموا أنهم خاصته وأعز الناس عليه، فلا يقدم على المباهلة بهم إلا واثقاً بصدق دعواه. بل روي أنهم قالوا: ((هذه وجوه لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها))[2].

ومع ذلك كله قتل (صلوات الله عليه) بأيدي المسلمين أنفسهم في جيش يقوده ابن أحد المهاجرين الأولين، تابع لخلافة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمامة الإسلامية المزعومتين، وبأمر من الخليفة والإمام نفسه، وقد نادى القائد المذكور حينما أراد أن يزحف بجيشه لقتال الإمام الحسين(عليه السلام): ((يا خيل الله اركبي، وأبشري))[3].

وكأنه بذلك ينبههم على أن خيل الله تعالى أعدت للجهاد في سبيله، وقد حضر وقته، فاركبوا له.

وذلك كله مع قرب العهد بالنبي(صلى الله عليه وآله)، وبقاء جماعة من الصحابة الذين عاشوا قضية المباهلة بتفاصيلها . كما شاهدوا سيرة النبي(صلى الله عليه وآله) مع أهل بيته (عليهم السلام)، وتكريمه لهم، وسمعوا تنويهه برفعة مقامهم وعظيم شأنهم.

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص77.

[2] الكامل في التاريخ ج ۲ ص ۲۹۳ أحداث سنة عشر من الهجرة، واللفظ له. مجمع البيان المجلد : 1 ص : ٤٥٢ في تفسير آية : ٦١ من سورة آل عمران. تفسير الثعلبي ج : ٣ ص : ٣١. تفسير البغوي ج : ۱ ص: ۳۱. تفسير الرازي ج : ٨ ص : ٨٥. الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل ج : 1 ص : ٤٣٤ مع اختلاف في اللفظ. وغيرها من المصادر الكثيرة.

[3] تاريخ الطبري ج : ٤ ث : ٣١٥ في أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة. واقتصر في مقتل الخوارزمي على قوله: ((يا خيل الله اركبي)) ج ١ ص : ٢٤٩ في أواخر فصل خروج الحسين من مكة إلى العراق.