قتل الإمام الحسين (عليه السلام) هو الجريمة الأولى

قتل الإمام الحسين (عليه السلام) هو الجريمة الأولى[1]

ولا ينبغي الإشكال في أن أعظم جريمة من الناحية الواقعية - بل حتى العاطفية - في هذه الفاجعة الممضة هو قتل شخص الإمام الحسين (صلوات الله عليه). لما يتمتع به...

أولاً: من مقام ديني رفيع يستحق به الولاء والتقديس، كما يتضح بالرجوع إلى ما ورد في حقه وحق أهل بيته (صلوات الله عليهم) في الكتاب المجيد، وعلى لسان النبي (صلى الله عليه وآله) مما لا يسعنا استيعابه بإيجاز، فضلاً عن تفصيل الكلام فيه. ولاسيما مع وضوحه وشيوعه، وتيسر الاطلاع عليه بالرجوع للمصادر الكثيرة للفريقين.

وإذا اختص الشيعة بالقول بالنص الإلهي على إمامة الحسين (صلوات الله عليه)، وأنه هو الإمام الحق دون غيره، فلا إشكال بين المسلمين قاطبة في أنه (عليه السلام) في عصره هو الرجل الأول في المسلمين، أفضلهم عند الله عز وجل، وأرفعهم مقاماً، وأعظمهم كرامة، وأولاهم بالإمامة من غيره.

وقال البلاذري: ((وكان رجال من أهل العراق ولثمان أهل الحجاز [2] يختلفون إلى الحسين يجلّونه ويعظّمونه، ويذكرون فضله، ويدعونه إلى أنفسهم، ويقولون: إنا لك عضد ويد. ليتخذوا الوسيلة إليه، وهم لا يشكّون في أن معاوية إذا مات لم يعدل الناس بحسين أحداً))[3].

 وثانياً: من قربه من النبي (صلى الله عليه وآله)، فهو بقية أهل البيت الذين كان (صلى الله عليه وآله) يخصهم بعواطفه وألطافه. ولازال بقايا الصحابة يذكرون مفردات ذلك، ويحدثون به.

حتى إن غير واحد من الصحابة أنكروا على عبيد الله بن زياد ويزيد بن معاوية حينما أخذا ينكتان ثغر الإمام الحسين (صلوات الله عليه) بالقضيب لما وضع رأسه بين أيديهما، وذكروا لهما أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقبل ثغره، كأنس بن مالك[4]، وزيد بن أرقم[5]، وأبو برزة الأسلمي[6]، وربما غيرهم[7].

وبالجملة: كان الناس إذا رأوا الحسين (صلوات الله عليه) ذكروا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتذكروا مشاهده معه، وما كان يبديه نحوه من مظاهر الحب والحنان والتكريم والتبجيل. وذلك يوجب مزيداً من الانشداد الديني والعاطفي نحوه(عليه السلام).

وثالثاً: من مؤهلات شخصية من عقل ودين واستقامة وشجاعة وعلم وعمل وخلق وسلوك وسخاء وحسن معاشرة ومخالطة مع الناس... إلى غير ذلك مما يفرض حب الخاصة والعامة له (عليه السلام)، واحترامهم إياه، وانشدادهم نحوه.

حتى إنه (صلوات الله عليه ) لما كتب إلى معاوية ينكر عليه جملة من موبقاته قيل لمعاوية: ((اكتب إليه كتاباً تعيبه وأباه فيه)). فقال: ((ما عسيت فيه أن أقول في أبيه إلا أن أكذب، ومثلي لا يعيب أحداً بالباطل. وما عسيت أن أقول في حسين ولست أراه للعيب موضعاً ...))[8].

 


[1] السيد محمد سعيد الحكيم، فاجعة الطف، الطبعة السابعة، 1442هـ-2021م، القسم الأول: ص67.

[2] اللثام: ما وضع على الفم أو الأنف من العمامة أو اللثام، ويبدو من بعض النصوص التاريخية أن ذوي المقام الاجتماعي في الحجاز كانوا يلتزمون باللثام كزي تقليدي. فيكون المراد الإشارة لهم.

[3] أنساب الأشراف: ج٣ ص: ٣٦٦ أمر الحسين بن علي بن أبي طالب.

[4] مجمع الزوائد: ج٩ ص: ١٩٥ كتاب المناقب باب مناقب الحسين بن علي (عليهما السلام). المعجم الكبير: ج٣ ص: ١٢٥ مسند الحسين بن علي: ذكر مولده وصفته. البداية والنهاية: ج٦ ص: ٢٦٠ الأخبار بمقتل الحسين بن علي،: ج٨ ص: ٢٠٧ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة الشأن. بغية الطلب في تاريخ حلب: ج٣ ص: ٣٨ في ترجمة الحسين بن علي بن عبد مناف أبي طالب. وغيرها من المصادر.

وقد روي ما ظاهره الإنكار في صحيح البخاري: ج٤ ص: ٢١٦ كتاب بدء الخلق: باب مناقب المهاجرين وفضلهم، وسنن الترمذي: ج٥ ص: ٣٢٥ أبواب المناقب عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): باب بعد باب مناقب أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب، ومسند أحمد: ج٣ ص: ٢٦١ مسند أنس بن مالك (رضي الله تعالى عنه)، وصحيح ابن حبان: ج١٥ ص: ٤٢٩ كتاب إخباره عن مناقب الصحابة: مناقب الحسن والحسين(رضي الله عنهما)، ومسند أبي يعلى: ج٥ ص: ٢٢٨ ح: ٢٨٤١، وغيرها من المصادر الكثيرة جداً.

[5] مجمع الزوائد: ج٩ ص: ١٩٥ كتاب المناقب باب مناقب الحسين بن علي (عليهما السلام). المعجم الكبير: ج٥ ص: ٢٠٦، ٢١٠ في ما رواه ثابت بن مرداس عن زيد بن أرقم تاريخ دمشق: ج١٤ ص: ٢٣٦ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب(ع): ج٤١ ص: 365-366 في ترجمة علي بن الحسين بن علي (ع) بن أبي طالب الأخبار الطوال ص: ٢٦٠ نهاية الحسين، فتح الباري: ج٧ ص: ٧٥. الوافي بالوفيات: ج١٢ ص: ٢٦٤ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب(رضي الله عنهما). كنز العمال: ج١٣ ص: ٦٧٣ ح: ۳۷۷۱۷. ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ۸۰: ۲۹۲. الفائق في غريب الحديث: ج1 ص: ٣٦٣ في مادة (دحج). وغيرها من المصادر الكثيرة.

[6] أسد الغابة: ج٥ ص: ۲۰ في ترجمة نضلة بن عبيد. تهذيب الكمال: ج٦ ص: ٤٢٨-٤٢٩ في ترجمة الحسين بن علي بن أبي طالب .سير أعلام النبلاء ج ۳ ص: ٣٠٩ في ترجمة الحسين الشهيد. تاريخ دمشق: ج٦٢ ص: ٨٥ في ترجمة نضلة بن عبيد. تاريخ الطبري: ج٤ ص: ٢٩٣ أحداث سنة ستين من الهجرة: خروج الحسين(عليه السلام) من مكة متوجها إلى الكوفة، ص: ٣٥٦ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة الكامل في التاريخ: ج٤ ص: ٨٥ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: ذكر مقتل الحسين(رضي الله عنه). البداية والنهاية: ج٨ ص: ٢٠٩، ٢١٥ أحداث سنة إحدى وستين من الهجرة: صفة مقتله مأخوذة من كلام أئمة الشأن. الفتوح لا بن أعثم: ج٥ ص: ١٥٠ ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي (رضي الله عنهما). مروج الذهب: ج٣ ص: ۷۲ مقتل الحسين(رضي الله عنه). بغية الطلب في تاريخ حلب ج۳ ص: ٣٨ في ترجمة الحسين بن علي بن عبد مناف أبي طالب. وغيرها من المصادر الكثيرة.

[7] ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) من طبقات ابن سعد ص: ٨٢: ج٢٩٦.

[8] أنساب الأشراف ج ٣ ص: ٣٦٧ أمر الحسين بن علي بن أبي طالب.