خروجه (عليه السلام) من مكة إلى العراق

تاريخ الخروج: 8 ذو الحجّة  (يوم التروية 60ﻫ).

الخروج قبل إتمام الحجّ:

أرسل يزيد بن معاوية (لعنهما الله) عمرو بن سعيد بن العاص من المدينة إلى مكّة في عسكر عظيم، وولاّه أمر الموسم، وأمّره على الحاجّ كلّهم، وأوصاه بإلقاء القبض على الحسين (عليه السلام) سرّاً، وإن لم يتمكّن منه يقتله غيلة، فلمّا علم الحسين(عليه السلام) بذلك، حلّ من إحرام الحجّ، وجعلها عمرة مفردة، وعزم على التوجّه إلى العراق؛ مخافة أن يقبض عليه، أو يُقتل غيلة.

خطبة الإمام الحسين(عليه السلام) ليلة الخروج:

قال(عليه السلام): (الحَمدُ للهِ، ومَا شاءَ الله، ولا قُوّة إلّا بالله، وصلّى الله على رسوله، خُطّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطّ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة، وما أولَهَني إلى أسلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف، وخيّر لي مَصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النّواوِيسِ وكَربلاء، فيملأنّ منّي أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً، لا مَحيصَ عن يومٍ خُطّ بالقلم، رِضا الله رِضَانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفِّينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّ بهم عَينه، وينجزُ بهمْ وَعدَه، من كان باذلاً فِينَا مهجتَه، وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه، فلْيَرْحَل مَعَنا، فإنِّي راحلٌ مُصبِحاً إن شاء الله)[1].

نصحه بعدم الخروج:

انتشر خبر نية الإمام (عليه السلام) بالخروج قبل أداء الحج جاءت إليه مختلف الشخصيات المعروفة في مكة لمعرفة سبب ذلك وتنصحه بعدم الخروج إلى العراق، ولكنّ الإمام(عليه السلام) رفض ذلك، فمن الذين جاؤوا: أبو بكر عمر بن عبد الرحمن المخزومي، فقال له الحسين(عليه السلام): (جزاك الله خيراً يابن عمِّ، قد اجتهدت رأيك، ومهما يقض الله يكن)[2].

وجاءه عبد الله بن عباس، فقال له الحسين (عليه السلام): (استخير الله، وأنظر ما يكون)[3].

وجاءه أخوه محمّد بن الحنفية قائلاً له: يا أخي، إنّ أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفتُ أن يكون حالُك كحال من مضى، فإن رأيت أن تقيم، فإنّك أعزّ مَن بالحرم وأمنعه، فقال(عليه السلام): (يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت)[4].

وجاءه عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وغيرهما، والحسين(عليه السلام) يقول لهم: (وأيم الله لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقتلوني، والله ليعتدن عليَّ كما اعتدت اليهود في السبت، والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلّهم، حتّى يكونوا أذلّ من فَرام المرأة)[5].

 


[1] بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج44، ص366.

[2] مروج الذهب للمسعودي: ج3، ص56.

[3] تاريخ الطبري: ج4، ص287.

[4] بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج44، ص364.

[5] أعيان الشيعة لسيد محسن الأمين: ج1، ص593 .