اتجه الإمام الحسين (عليه السلام) بعواطفه ومشاعره نحو الله عز وجل، فقد تفاعلت جميع ذاتيّاته (عليه السلام) مع حب الله والخوف منه، ويقول المؤرخون: إنه (عليه السلام)
عمل كل ما يقرّبه إلى الله تعالى، فكان (عليه السلام) كثير الصلاة، والصوم، والحج، والصدقة، وأفعال الخير، ونحن نعرض في هذا المختصر بعض ما أُثِر عنه (عليه السلام) من عبادته، وقربه من الله تبارك وتعالى.
أولاً: خوفه (عليه السلام) من الله تعالى:
كان الإمام (عليه السلام) في طليعة العارفين بالله، وكان عظيم الخوف منه، شديد الحذر من مخالفته، حتى قال له بعض أصحابه: ما أعظم خوفك من ربك ؟!!
فقال (عليه السلام): (لا يَأمنُ يوم القيامة إلا مَن خافَ الله في الدنيا)[1].
وكانت هذه سيرة المتقين الذين أضاءوا الطريق، وفتحوا آفاق المعرفة.
ثانياً: كثرة صلاته وصومه (عليه السلام):
كان (عليه السلام) أكثر أوقاته مشغولاً بالصلاة والصوم، فكان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة كما حَدّث بذلك ولده زين العابدين (عليه السلام) فقد قيل له (عليه السلام): (ما أقل ولد أبيك؟! قال: العجب كيف ولدت له! كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة فمتى كان يتفرغ للنساء؟!([2].
وتحدث ابن الزبير عن عبادة الإمام (عليه السلام) فقال: أمَا والله لقد قتلوه طويلاً بالليل قيامُه، كثيراً في النهار صومُه[3].
ثالثاً: حجّه (عليه السلام):
كان الإمام (عليه السلام) كثير الحج، وقد حج (عليه السلام) خمساً وعشرين حجة ماشياً على قدميه، وكانت نجائِبُه تُقاد بين يديه، وكان يمسك الركن الأسود ويناجي الله ويدعو قائلاً: (إِلَهي أنعمْتَ عليَّ فَلَم تجِدْني شاكراً، وابْتَليتَني فلم تَجِدني صابراً، فلا أنتَ سَلبْتَ النِّعمَة بتركِ الشكر، ولا أدمْتَ الشِّدَّة بترك الصَّبر، إِلَهي ما يَكونُ من الكريمِ إلا الكرم)[4].
وخرج (عليه السلام) معتمراً لبيت الله فمرض في الطريق، فبلغ ذلك أباه أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان في المدينة المنورة، فخرج (عليه السلام) في طلبه، فأدركه في (السقيَا) وهو (عليه السلام) مريض، فقال له: (يَا بُني ما تشتكي)؟
فقال الإمام الحسين (عليه السلام): (أشتَكِي رَأسي).
فدعا أمير المؤمنين بِبدنَةٍ فنحرها، وحلق (عليه السلام) رأسه وَردّه إلى المدينة، فلما شُفي (عليه السلام) من مرضه قَفل راجعاً إلى مكة واعتَمَر[5].
هذا بعض ما أُثِر من طاعته وعبادته (عليه السلام).