ينقل أرباب التاريخ والسير أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعد انتصاره على اليهود في واقعة خيبر بعد حصاره لهم، والفتح الذي كان على يدي أمير المؤمنين (عليه السلام)، وبعد ما آل إليه مصير اليهود في تلك المنطقة، أصاب الرعب والخوف قلوب أهل فدك من اليهود، فأرسلوا إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بأنهم مستعدون للصلح معه على أن يكون له النصف من أملاكهم، فقَبِلَ النبي (صلى الله عليه وآله) بذلك فأصبحت أرض فدك - من ضمن هذا النصف - ملكاً خالصاً للنبي (صلى الله عليه وآله)، لأنها مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، والقرآن يصرح بأن الأرض المفتوحة بدون قتال تكون ملكا خالصا للنبي(صلى الله عليه وآله)، وذلك قوله تعالى: (وَمَا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)[1]، وعندما رجع النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة المنورة نزل جبريل(عليه السلام) حاملا الآية: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ)[2]، فسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله) جبرائيل (عليه السلام) مستفسرا عن ذي القربى مَن هم؟ وما حقهم؟ فنزل جبريل (عليه السلام) ثانية وقال: إن الله تعالى يأمرك أن تعطي فدكا لفاطمة (عليها السلام)، عندها طلب النبي (صلى الله عليه وآله) ابنته فاطمة (عليها السلام) وقال: إن الله أمرني أن أدفع لكِ فدكا، فقبلت بذلك بحضور الشهود، وتصرفت بها واستلمت عوائدها على عهد النبي(صلى الله عليه وآله) لمدة ثلاث سنوات، والمسلمون يرون ذلك والنبي(صلى الله عليه وآله) أقرها، وكانت تنفق العوائد على المساكين والمحتاجين.
عن الإمام الكاظم(عليه السلام): (... إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله)
فدكا وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه(صلى الله عليه وآله): (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ (فلم يَدْرِ رسول الله(صلى الله عليه وآله) مَنْ هُم، فراجع في ذلك جبرئيل (عليه السلام) راجع جبرئيل (عليه السلام) ربه فأوحى الله إليه أن ادفع فدكا إلى فاطمة (عليها السلام)، فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها : يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدكا، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك. فلم يزل وكلاؤها فيها في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ...)[3].
وقال السيوطي: أخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري، قال: لما نزلت هذه الآية) وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاطمة فأعطاها فدكاً)[4]